حمَّل السفير المصري لدى المملكة محمود عوف البيت العربي والأسرة العربية والثقافة العربية والمؤسسة العربية مسؤولية جهل الطفل بتراث الأمة التي طالما نشرت العلم والمعرفة والفكر والإبداع في العالم كله لمدة تزيد على ثمانية قرون تكلَّم العلمُ فيها بالعربية. ودعا السفير المصري المؤسسة العربية إلى تبني مشروع قومي قوي يعيد إلى الطفل اعتباره ابتداءً من تصحيح الصورة الذهنية حول ممارسة حقه المشروع في التعليم والتعلم الذاتي وممارسة الأنشطة والابتكار وإظهار الموهبة ونشر روح الفريق وتعزيز منطق التحدي واستدعاء النماذج الرفيعة والمثل العليا وحسن الخلق ووسطية الفكر بعيداً عن التشدد والانغلاق وبعيداً أيضاً عن الفوضى والعبث وبمنأى عن محنة التماهي مع الآخر دهشة وانبهاراً. جاء ذلك خلال رعايته يوم أمس الأول أولى الفعاليات الثقافية ندوة (الصحة النفسية للطفل العربي في مواجهة التحديات) التي أقامها المكتب الثقافي التعليمي المصري برئاسة الدكتور عبدالله التطاوي المستشار الثقافي بمكتب المقر بالرياض. ونوه عوف بضرورة إعداد طفل قوي يحمل رسالة الأمة من خلال صحة نفسية واعدة وعقل ناضج وفكر مستنير ومرجعيات آمنة تتطلب من المختصين رسم سياسات عربية متكاملة نحو صناعة وثيقة عربية موحدة لإنقاذ الطفل العربي من الممارسات العنيفة ضده معتبراً هذه الندوة - في جوهرها - تمثل دعوة لإنقاذ مستقبل شباب الأمة من كل ما يحيط بهم من سلبيات على المستوى الأخلاقي والقيمي بدءاً من احترام الثوابت والمقدسات والرموز إلى احترام الآباء والأمهات والمعلمين إلى التخلي عن التجاوزات الأخلاقية التي يستمدونها من بعض أرصدة عالم مختلف في مفاهيمه لمنطق الحرية وأصالة الأخلاق. وختم السفير المصري تمنيه بأن تؤسس هذه الندوة لصناعة طوق النجاة من خلال رؤى وأفكار كبار الأساتذة من أهل الخبرة والاختصاص بما يتوقع منهم من تشخيص دقيق في قراءة الحالة الواقعية للطفل العربي بهدف الوصول به إلى شاطئ الأمان في مستقبله عالماً ومبدعاً ومفكراً وناقداً ومحللاً ومبتكراً. وقد حاضر في الندوة كل من الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز المحرج أستاذ التشريع الإسلامي والدكتور مصطفى كامل عمر رئيس الطب النفسي وعلاج الإدمان بالمستشفى السعودي الألماني وتضمنت فعاليات الندوة معرضاً كاريكاتيرياً مصغراً عن ذات الموضوع بريشة الفنان المصري أشرف عبدالله. وقد تضمنت الندوة عدة محاور هامة تصب في الصحة النفسية للطفل العربي ومنها طبيعة الضغوط النفسية المعاصرة وأثرها على الطفل العربي وسبل التخفيف منها والعنف الأسري والعنف بين الآباء وسبل مكافحته وأنواع الأمراض النفسية التي قد تصيب الطفل وكذلك دور الأسرة في التوازن النفسي للطفل أو مرضه وتأثير وسائل الإعلام المختلفة والثقافات العربية والغربية في تشكيل سلوكه وتأثير الحالة الصحية والغذاء والحروب والحالة الاقتصادية في صحة الطفل النفسية كما تناولت الندوة ثقافة الاغتراب وتأثيرها في سلوك الطفل وأخلاقيات النشء وأهم التوصيات لدعم الثقافة الصحية والنفسية للطفل. من جهته أكد الدكتور عبدالله التطاوي ان هذه الندوة تأتي ضمن فعاليات الملتقى الفكري الأول ضمن المشروع القومي للتنمية البشرية ومشروع النهضة في العالم العربي. حضر الندوة القنصل العام المصري بالرياض فوزي العشماوي وجمع من الدبلوماسيين المصريين والعرب ونخبة من المثقفين والفنانين والمختصين بصحة الأسرة والطفل وأبناء الجالية المصرية ورجال الإعلام.