قلل عدد من المحللين الاقتصاديين من تأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي أو على المؤسسات المصرفية السعودية قياسا على عدم وجود استثمارات مباشرة لها في المؤسسات المالية العالمية التي شهدت مشكلات قوية في السيولة والاستثمار. وأشادوا بحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - على سلامة الاقتصاد السعودي والنأي به عن تأثيرات الأزمة المالية العالمية الحالية التي عصفت بالعديد من المؤسسات المالية في الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية والآسيوية. وأثنوا على الإجراءات التي اتخذها المجلس الاقتصادي الأعلى خلال الاجتماع الذي عقده برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود وناقش خلاله الأزمة المالية العالمية الحالية التي امتدت لتشمل مختلف دول العالم وتعرضت من جرائها جميع أسواق العالم المالية لخسائر جسيمة مما دفع معظم دول العالم، ولا سيما الدول الصناعية الكبرى، إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة وإقرار خطط عمل والتنسيق فيما بينها. ورأوا في توجيه خادم الحرمين الشريفين رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى الجهات الحكومية المعنية باستمرار متابعة الأزمة واتخاذ كل ما شأنه الحد من آثارها على الاقتصاد الوطني ورفاهية المواطنين ومعيشتهم تجسيدا لاهتمامه - أيده الله - باقتصاد الوطن ومقدراته والحفاظ على مكتسباته واستمرار النمو والاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة. وقال الأمين العام لمنتدى الرياض الاقتصادي الدكتور محمد الكثيري، إن تأثير الأزمة المالية العالمية الحالية التي ضربت الكثير من دول العالم ستطال الاقتصاد السعودي ولكن بدرجة أقل من أثرها على تلك الدول فالمؤشرات الاقتصادية لدينا تؤكد أن تأثير الأزمة السلبي سيكون علينا أقل مقارنة بتلك الدول التي كانت هي منشأ الأزمة نظرا لزيادة الترابط والاندماج بين الاقتصادات العالمية فالاقتصاد السعودي لم يعد بمعزل ومنأى عما يجري في العالم حيث أصبح اقتصادنا يتأثر إيجابا او سلبا بما يجري من حولنا. وأكد أن الازدهار الاقتصادي الذي عاشته المملكة منذ العام 4002وما نتج عنه من فوائض مالية كبيرة ومشروعات تنموية عديدة ستكون قادرة بإذن الله على تحريك عجلة الاقتصاد لدينا وتخفيف الآثار عليه. وتطرق الأمين العام لمنتدى الرياض الاقتصادي إلى الإجراءات التي اتخذها المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله حيث بادر إلى إصدار أربعة قرارات للتعامل مع الأزمة تمثل في قيام مؤسسة النقد العربي السعودي بالاستمرار في متابعة أداء البنوك المحلية للتأكد من سلامتها بما في ذلك الحرص على سلامة السيولة اللازمة لها عند الحاجة، ومتابعة المؤسسة للقيود الموضوعة على توفير السيولة للبنوك وذلك بمزيد من التخفيض في نسبة الاحتياطي وخفض تكاليف التمويل، مع استمرار الحكومة في ضمان سلامة المصارف المحلية بما في ذلك الودائع المصرفية. وأكد عضو اللجنة المالية بغرفة تجارة الرياض خالد الجوهر أن الاقتصاد السعودي يتمتع بمتانة قوية وبنسب نمو مستمرة، معتبراً أن تأثيرات الأزمة العالمية على الاقتصاد المحلي نفسية فقط. وحول الهبوط الذي تعرض له سوق الأسهم السعودي، قال الجوهر إن تدخل الصناديق الحكومية والاستثمارية في السوق المالي عند تعرضه لمثل هذه الهزات قد يكون أحد أهم الحلول، مطالباً بضرورة قيام الجهات المعنية بدراسة كيفية المحافظة على استقرار وتطور سوق المال السعودي وحمايته من الأزمات المفاجئة. وبينً أن الأزمة المالية العالمية زادت من معاناة سوق الأسهم الذي يعاني في الأساس ومنذ زمن طويل من نقص السيولة التي حصلت من عدة أسباب أولها عدم وجود إجراءات تحافظ على توازن السوق، مشيراً إلى ان الهيئة ركزت على تعميق السوق وهي إحدى توصيات المجلس الاقتصادي الأعلى الذي أوصى بها وقت انهيار فبراير 6002.وشدد على ان المأزق الذي دخل فيه سوق الأسهم هي أزمة إجراءات داخلية، مشيراً إلى ان الأزمة سرّعت من عملية الهبوط الناتجة عن دخول السوق في موجة هابطة لكنها سرّعت في عملية الهبوط نتيجة الخوف والتأثير النفسي. وتابع بأن السوق لديه إشكاليات قبل أزمة الائتمان العالمية، لافتاً إلى أنها لم تحل ولم ينظر في طرق سليمة لحلها منها زيادة جاذبية السوق. وطرح الجوهر جملة من الحلول التي سيساهم تطبيقها العاجل في حماية السوق من هذه الأزمات مثل تدخل القيادة العليا وعمل منظومة متكاملة بين جميع القطاعات ذات العلاقة للتنسيق فيما بينها لعلاج ما يعانيه السوق من إشكالات، إضافة إلى ضرورة أن تقوم مؤسسة النقد بالضغط على البنوك لمنعها البيع كما حصل في التسعينيات عندما توقفت البنوك المحلية عن البيع لحفظ توازن السوق حتى تنتهي الأزمة. وأضاف: هناك حلول مهمة جداً مثل حثّ الصناديق الخاصة بالبنوك والصناديق شبه الرسمية لزيادة استثماراتها داخل السوق وضخ سيولة جديدة، مع أهمية دخول المستثمر الأول صندوق الاستثمارات العامة في السوق لاقتناص الفرص الاستثمارية الحالية التي لن تتكرر في المستقبل، وضرورة وقف الاكتتابات العامة في السوق وفتح قنوات للتواصل بين الجهات المعنية والتعامل مع المتعاملين بشفافية ووضوح، مشيراً إلى أن البدء سريعاً في هذه الإجراءات والحلول من شأنه أن يساهم في رفع مستوى السيولة الاستثمارية، كما أنه يعطي ثقة للمستثمرين والمتعاملين بقوة ومتانة الاقتصاد السعودي . وتابع: "أصبح من الواضح ان السوق يحتاج إلى إجراءات مشجعة للمستثمرين تبدأ بدخول صناديق رسمية، مؤكداً ان دخولها لا يعني أنها تلعب دور صانع سوق بل إنها تعتبر المستثمر الأول الذي يبدأ بمبادرة الشراء لإعادة الثقة للسوق. وقال الجوهر، ان مبادرة الصناديق الحكومية بالشراء يعطي بقية المستثمرين تأكيدات بان هناك فرصاً استثمارية تستحق الدخول في هذا الوقت، معتبراً ان ذلك يدخل ضمن مسؤولياتها كشريك استراتيجي يحمل لواء المبادرة". ونصح المضاربين بالتحول إلى الاستثمار متوسط وطويل الأجل، باعتباره صمام الأمان في ظروف غير طبيعية تمر بها سوق الأسهم وأسواق المنطقة والأسواق العالمية بصورة عامة، مبيناً أن خسائر المستثمرين وتراجع قيمة ثرواتهم والنزيف المستمر في أسعار أسهم الشركات المدرجة يعتبر خسائر دفترية طالما استمر الاحتفاظ بها وتتحول إلى خسائر فعلية عند بيع هذه الأسهم. ورأى المحلل المالي وعضو الاتحاد الوطني لتجارة الأوراق المالية الأميركية محمد الشميمري أن السياسة المتحفظة لمؤسسة النقد ظهرت أهميتها في هذه الأزمة ودعمتها التطمينات من المسؤولين في مؤسسة النقد والمصارف السعودية على حد سواء على الوضع المالي والائتماني القوي في المملكة.