من بين الكتل الخرسانية، والطرقات الإسفلتية، والمباني الشاهقة، وهدير محركات السيارات وتوهج انوارها.. فاح عبق الفرح والاستبشار في مدينة الرياض حينما قدم عيد الفطر المبارك في هذه السنة.. لافتات في كل صوب من أرجاء المدينة أشبه ما تكون ببطاقات الدعوة لحضور الفعاليات والمناشط التي تقيمها امانة منطقة الرياض بمناسبة العيد، وعقود من الأنوار والإضاءات البديعة زينت جيد هذه المدينة المتوثبة للأنس والاحتفال بهذه المناسبة البهيجة.. يبدو انها اصبحت عادة سنوية تترقبها هذه المدينة العصرية لتمتزج حضارتها ورقيها بإنسانيتها: وتزينت بحلى الكواكب مثلما تتزين الحسناء في افراحها ان ثقافة الفرح التي تسعى أمانة منطقة الرياض الى تكريسها وإشاعتها في المجتمع عاماً بعد عام يبدو لي انها تأتي ضمن منظومة (أنسنة) الرياض التي تتبناها الأمانة في السنوات الماضية، وذلك من خلال السعي الى اضفاء البعد الإنساني على هذه المدينة، لتصبح الرياض ليست مدينة العمل فحسب، بل هي مدينة السكنى والفرح والابتهاج والتواصل بين جميع فئات المجتمع وشرائحه. بالأمس القريب كان الناس يشتكون في هذه المدينة من رتابة العيد، والشعور بالملل عند مجيئه، اما في هذا العيد فقد اصبحت المدن الأخرى تنظر الى الرياض بشيء من (الحسد المشروع!)؛ اذ اهدت الأمانة سكانها فعاليات فاقت 240فعالية خلال 3ايام فقط، ولم تستأثر بها جهة دون أخرى، بل جاءت موزعة ما بين وسط المدينة وجهاتها الأربع، كما لم يقتصر توجيهها الى فئة دون اخرى، بل جاءت منسجمة مع شرائح المجتمع على اختلاف توجهاتهم واهتماماتهم.. باختصار: كانت دعوة عامة الى ان يبتهج الجميع في هذا العيد السعيد بدون استثناء. لقد لمحت في هذا العدد الكبير من الفعاليات وما تمتاز به من تنوع وشمول ان أمانة منطقة الرياض كانت راغبة في تنفيذ مهمة صعبة تتمثل في ارضاء معظم الرغبات والزهواء والأذواق لسكان العاصمة وعلى الرغم من ذلك ظهرت أصوات تنتقد وتعارض وتهاجم وليس من شك في ان الاختلاف (وليس الخلاف!) في الآراء والتوجيهات والأفكار سمة من سمات المجتمعات السوية ولكن كم تبلغ نسبة الذين سعوا إلى ان تكون أصواتهم ورؤاهم وانتقاداتهم وملحوظاتهم لبنة من لبنات البناء من خلال ايصالها بصورة حضارية إلى المسؤولين؟ كم نسبة الذين زاروا الموقع الالكتروني المخصص لفعاليات العيد ليدونوا ملحوظاتهم ومرئياتهم؟ كم نسبة الذين اتصلوا بوحدة بالغات الطوارئ (940) التي كانت تستقبل في العيد الاستفسارات والآراء والملحوظات الخاصة بالفعاليات ليولوا أصواتهم؟ بل كم تبلغ نسبة الذين يريدون ان تسهم أصواتهم ورؤاهم في شيء من منجزاتنا الوطنية الرائدة مقارنة بمن يطلقون الانتقادات بغرض تشويه الحدث ليس إلا؟ وعلينا قبل ذلك ان نعرف نسبة الذين لديهم الاستعداد النفي للابتهاج والفرح بالمناسبات السعدة مقارنة بمن لا يتحقق له ذلك الاستقرار النفسي إلاّ بعد ان يئذ الفرحة في أعين الأطفال قبل الرجال؟! فكان كمن قال عنه الشاعر: حرم الله عليه الفرحا استبدت بقواه النوب @ ومضة: شكر المبدعين ونقد المخفقين جناحان لا يمكن لمجتمعات الطموحة ان تحلق بدونهما.. فشكاً سمو أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف على هذه الوجبة الدسمة من الفرح والأنس والبهجة والعقبى لأمانات المناطق الأخرى!