انتهى شهر رمضان المبارك "أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بخير" وانتهى معه سيل المسلسلات والبرامج والمنوعات التي أمتعت أوقاتنا وسلت صيامنا ورفعت من روحنا الإيمانية والوجدانية، البعض منها خيّب آمالنا والبعض الآخر يستحق التصفيق والتقدير، وبنظرة سريعة من وجهة نظر شخصية لبعض هذه البرامج والمسلسلات التي أتاح لي وقتي الضيق من متابعتها. 1- مسلسل: كلنا عيال قرية: المسلسل مع بداية الإعلان له قبل شهر رمضان وتوقعي الشخصي أنه لا جديد سيقدم هذا العام فقد استنفدت أسرة المسلسل كل الأفكار والقضايا ومشاكل المجتمع السعودي وحتى الأداء التمثيلي وتقمص للشخصيات ذلك المجتمع في مسلسل "طاش ما طاش" الذي كان يعرض من قبل في حلقات منفصلة كل حلقة تطرح قضية أو مشكلة أو رأي وحتى الاخراج والسيناريو والشخصيات، باستثناء بعض الحلقات. جاء مسلسل هذا العام نسخة طبق الأصل من "طاش ما طاش" بل أقل في المستوى بكثير مما كنت أتوقع ولولا عرضه في وقت الذروة "بعد صلاة المغرب مباشرة" لما لاقى نسبة مشاهدة فقد استغل منتجو العمل هذا الوقت من راحة واسترخاء الصائمين بعد الفطور واستسلامهم لما سوف يعرض فأمسكوهم من نقطة ضعفهم وأجبروهم على المشاهدة، ما علينا شاهدنا واللي كان كان. أولاً: العمل لم يبذل فيه أي مجهود فني سواء في كتابة السيناريو والحوار أو في الاخراج والتمثيل وحتى الانتاج فمن حيث القصة فلا توجد قصة بل هي مجموعة من الأفكار والشواهد والظواهر على المجتمع جمعها الكاتب في محاولة فاشلة منه لخلق قصة مترابطة ومتسلسلة مما نتج عنه أحداث درامية غير متسلسلة ومنطقية فمثل: ماذا حدث لعبدالله السدحان عندما انتقل للعمل من عرعر إلى الرياض كمراقب في البنك الزراعي، لم نعرف عنه شيئاً. وما الفكرة من زواج خالة عبدالله وناصر من مالك العمارة بزواج مسيار؟ لم تدعم قضية زواج المسيار، بل أضافت بعض الكوميديا، وما الفائدة من زيارة أسرة زوجة أبو ضاري "الرجل البدوي" السورية للمملكة السعودية لأداء العمرة ما هو ضرر الزواج من الأجنبيات؟ ولنقل أيضاً أضافت بعض الكوميديا. كما أضاف الكاتب بعض المواقف الكوميدية المستهلكة بزعم انها كوميدية موقف كتبت بطريقة هزلية جداً، ففي إحدى الحلقات قام ناصر القصبي بمزحة ثقيلة مع أخيه وأخته بتغير وتأخير عقارب الساعات التي يمتلكونها لكي يحدث لهم اضطراب مضحك جداً كما يحب نتج عن ذلك ضياع صفقة رابحة على أخيه وخسران عربون ب 20ألف ريال لم تضف شيئاً إلى القصة وأيضاً مشاهد ضرب أخت بطلي المسلسل لزوجها ليس لها معنى سوى إضحاك المشاهد، ومشاهد رعاية عبدالله وناصر لحيوانات أليفة "كلب - وصقر" تركت لهما من قبل أسرة لبنانية صديقة، وقس على ذلك مشاهد كثيرة ومواقف أضافها الكاتب لملء ساعات المسلسل دون أي ترابط مع بعضها البعض. وللأمانة من المشاهد الوحيدة التي أعجبتني مشهد تصوير الكاتب لحالة أبو ضاري النفسية من جراء موت جماله بالحمى التي أصابتها نتيجة تسمم في الغذاء فكان مشهداً رائعاً ومضحكاً أداه الممثل بتمكن. ثانياً: بالنسبة إلى السيناريو والحوار ففيه رتابة وملل توحي بافتقار الكاتب للكلام والجمل ظهر ذلك بوضوح في الحوار بين الممثلين فقد ظل الكاتب يكرر 10أو 10جملة طيلة المسلسل ولو لا تمتع أبطال المسلسل بخفة الظل وحضورهما القوي وحب الناس لشخصياتهم، وكذلك خبرتهما الطويلة في الكوميديا وبفضل الارتجال الناتج من كواليس العمل لظهر المسلسل بأسوأ من ذلك، ثم نأتي للاخراج فحدث ولا حرج. ثالثاً: التمثيل والأداء: استخدم أبطال المسلسل اسلوب تمثيل المعلبات الجاهزة أي استحضار أداء الشخصيات من أعمالهم السابقة بدون أن يضيفوا أي انطباع جديد لدى المشاهد. رابعاً: الانتاج: تم تصوير أكثر من 25حلقة من المسلسل في شقتين وسطح عمارة باستثناء بعض المشاهد صورت في سوق الجمال وفي استراحة. إذاً: "مسلسل كلنا عيال قرية" لم يحترم عقل المشاهد فلم يحظى على احترام المشاهد له وإذا لاقى نسبة مشاهدة هذا العام فهو بفضل قوة نجاح "طاش ما طاش"، ولكن لن تستمر المشاهدة له في الأعوام المقبلة إذا استمر بنفس المستوى. 2- مسلسل "بيني وبينك": نفس مستوى نجاح العام الماضي بل أقل بقليل وعليهم عدم الوقوع في خطأ التكرار في الأعوام المقبلة وابتكار أفكار وشخصيات جديدة. ولكن ما أحب التنويه عنه هو أداء الممثل المبدع راشد الشمراني في دور "الواصل" الرجل النصاب بتاع الثلاث ورقات ثم تحوله إلى شخصية العربجي المتهور الشرس ثم إلى شخصية الرومانسي المحب، هذا التحول أعطاني إحساساً بامتلاك هذا الفنان لطاقات فنية أكبر مما ظهرت في المسلسل فهو يستطيع أن يقدم أكثر من نمط شخصية واتخيله في أدوار كثيرة منها: البدوي، المليونير، الاستقراطي واعتقد انه يجيدها جميعاً بسبب شكله الجاد وهيئته الممتلئة، ولا أدري لماذا ربطت بينه وبين الفنان الراحل القدير "زكي رستم". 3- مسلسل: "شر النفوس": سأبدأ من نهاية المسلسل التي صدمت المشاهدين فلم يكن من المتوقع أن ينهي مخرج وكاتب العمل حصاد 29حلقة بهذه النهاية الباردة التي أسفرت عن استعادة شخصية سيف المسحورة من غيبوبة السحر إلى شخصيته الطبيعية واغلاق القصة عن هذا الحد بدون أن نعرف ما الذي حل بالجناة المتسببين في السحر وما الذي حل بأسرة سيف، ما هو الداعي لهذه النهاية هل يوجد جزء ثان يروي حياة سيف بعدما استعاد حياته الطبيعية، كيف للمشاهد أن يثق في متابعة الجزء الثاني ويتحمل ما تحمله في الجزء الأول من تطويل وتكرار وملل وبرودة المشاهد من غير ما يختم كما ختم في الجزء الأول وهلم جرا.. المسلسل قصته شائكة ومنتشرة بل مستفحلة في مجتمعاتنا العربية وهو راجع ليس إلى شر النفوس بل إلى ضعف الإيمان والتوحيد بالله والتوكل عليه، فالمسلسل بشكل عام جيد ولكن أضعفه الاخراج والكتابة وقواه الأداء الجيد للممثلين وخاصة بطل المسلسل ومنتجه سيف وأم محمود المرأة الساحرة وبنت أم محمود المذيعة الوضيعة المتسلقة ومحمود الشاب المنحرف.