اليوم الطلاب والطالبات السعوديون الذين ابتعثتهم الدولة إلى الخارج للدراسة تجاوز عددهم عشرات الآلاف تم إرسالهم إلى العديد من الدول من أجل التعليم. هذه الأعداد من أبناء الوطن يُنتظر عودتهم إلى الوطن إن شاء الله بعد أن يكملوا تحصيلهم العلمي الذي من أجله سعت الدولة وفق خطط معدة لابتعاثهم لإعدادهم للمساهمة في بناء تنمية الوطن في شتى المجالات والتخصصات وينتظر إن شاء أن يكون منهم نسبة كبيرة من ذوي الكفاءة والمقدرة العالية وفي التميز وفي التحصيل والإبداع في كثير من التخصصات.. والابتعاث للدراسة للخارج يعد خطوة رائدة جداً تشكر عليها الدولة كثيرا ممثلة في الجهات المعنية التي قامت بها وهي وزارة التعليم العالي ووزارة المالية وهي خطوة سيدرك الوطن ثمارها الإيجابية إن شاء الله في المستقبل القريب. ولكن.. ولكن أن نرسل إلى الخارج هذا الكم المتتالي من أبناء الوطن فإن المسألة تحتاج إلى جهود أكثر أهمية تتمثل في الاهتمام بهؤلاء الشباب الذين تم نقلهم فجأة إلى ذلك العالم وبذلك العدد.. والاهتمام المطلوب والمفترض يتمثل في عدة جوانب أهمها بالطبع الجوانب المالية و الاجتماعية والعلمية وعدم تجاهلهم أو تناسيهم أو ضياعهم بين تنازع عدة جهات حكومية وبالتالي قد نتفاجأ لا قدر الله مستقبلا بفشل هذه التجربة عندها ستتحول هذه الأعداد من أبناء الوطن أو نسبة كبيرة منهم إلى مشكلة!! وأولى خطوات هذا الاهتمام تأتي مبالغ المكافآت المالية التي يجب توفيرها بالقدر المناسب للمبتعث والذي يمكنه من تلبية احتياجاته بالحدود الدنيا على الأقل وإنقاذه من مشكلة العوز أو النقص في المادة التي قد تؤدي إلى سلبيات أخرى على المبتعث وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي أفرزت ارتفاعات كبيرة في الأسعار مما يصعب المعيشة في ظل مقدار المكافأة المالية التي يحصل عليها المبتعث السعودي وهي مكافأة ثبت أنها المكافأة الأقل بين مكافأة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.. صحيح أن الفرق في عدد الطلبة المبتعثين هو من يتحكم في إقرار مثل هذه المكافآت.. لكن يظل مقدار المكافأة للمبتعثين في حاجة إلى إعادة نظر شاملة وعاجلة جدا فالطالب السعودي المبتعث في الغربة يظل مواطناً في حاجة ماسة ومتواصلة إلى اتصاله "الوطني" ببلاده وبمجتمعه وبأهله وعدم إتاحة الفرصة لأي شعور يتسلل إلى فكره يحسسه بالتقصير في حقه بسبب حاجته الماسة إلى المادة التي قد يفرزها ضعف المكافأة المالية الشهرية.. فالمبتعث السعودي للدراسة للخارج هو طالب في عمر الشباب وفي سن التقلب الفكري والعاطفي الذي قد تستغله وتتحكم فيه المادة بدرجة كبيرة جداً خاصة في مجتمع يكرس عنصر المادة بكل قوة في كل أعماله ويدعم كثيراً حرية الفكر واستقلاليته لأهداف معينة وهذه كلها مغريات تنمو في بيئة خصبة تعمل على استغلال حاجة الفرد المادية لإيجاد تحولات في شخصيته لأهداف معينة منظمة!! من هنا يستوجب الأمر عاجلاً إيجاد خطط عمل متكاملة لتوفير مناخ آمن لهذه الأعداد الكبيرة من أبناء الوطن وهي خطط يجب أن تبنى قبل كل شيء على سد حاجة هؤلاء المبتعثين المادية وقفل جميع طرق التسلل إلى أفكارهم من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي لهم وهو اكتفاء يقوم على عدة عناصر أهمها المادة وهذا ما يجب أن يتم من خلال رفع مقدار حجم المكافأة المالية لهؤلاء المبتعثين!! فهؤلاء الطلاب الذين تم إرسالهم إلى الخارج لكثير من الدول هم أبناء وطن وهم أمانة كبيرة جدا ويجب أن نحافظ عليهم من كل الاتجاهات وبكل قوة وبكل اهتمام طيلة سنوات إرسالهم للخارج.. فهم اليوم يعيشون ويدرسون في زمن وفي عصر يختلف كليا عن أسلافهم في كل شيء..