لم تكن الأزمة المالية التي هزت ارجاء المعمورة هي من اهلك مقدرات المواطنين في سوق الاسهم السعودية، وانما جاءت كحلقة مكملة لحلقات مسلسل يتم عرضه على شاشة التداول منذ اكثر من سنتين، جاوز في عدد حلقاته عدد حلقات اشهر المسلسلات الدرامية الامريكية شهرة واطولها مدة والذي كان باسم "الجريء والجميلة".. "The Bold & The Beautiful"، ولعل الطريف في الامر مانراه من انطباق التسمية على واقع مسلسل سوقنا ... ربما هي الصدفة !! اعود واقول بان السوق لو لم تكن الازمة المالية العالمية كان في مسار هابط محدد مسبقا ولا يعرف اتجاهه ومقداره حينها سوى من يسير ذلك السوق وقلة قليلة ممن اعطاهم الله مهارة الحدس السليم بعد قراءة قد تكون منطقية في سوق اللامنطق، فالمتتبع لحال السوق منذ تصحيح بل اقول انهيار فبراير، لم يكن ليلحظ ذلك المسار والتوجه حينها وكانت اول اضاءة دلتنا على ذلك المسار دون ان يلحظها الكثير هي تغير سلوك السوق بشكل مفاجئ في الربع الثاني من العام 2006، اعتبر في بادئه بأنه ردة فعل طبيعية ومنطقية لنزيف استمر عدة اشهر جعلت لغة العقل والمنطق هي السائدة في مجال استثماري لاتحكمه العواطف، ذلك السلوك الذي تمثل في انقسام السوق الى قسمين، شركات تتوجه لها السيولة وهي شركات العوائد ذات النمو وذات المستقبل الجيد، وشركات ورقية واشباه الشركات التي لا تعود على المستثمر بأي مردود والتي لوحظ هجران السيولة لها وتثبيت اسعارها في كل موجة صعود للسوق والهبوط بها مع كل هبوط، وتتكرر العملية عدة مرات ليتضح اتجاه السوق وهو في خانة ال 10000نقطه حينها انه الى اسعار قد تبدو منطقية ماليا ولا منطقية عاطفيا وذلك تبعا لسلوك تداول نصف الشركات التي كانت تتبع طريقة (صعود درجة واحدة وانخفاض ثلاث درجات)، ولم يكن لزاما على من يسير السوق ان يصل لتلك الاهداف المتدنية عن طريق انخفاض المؤشر فالمتتبع لواقع السوق حينها يجد ان السيولة وهي المحرك الاساسي وبالطريقة المبدعة لاستراتيجيات التداول لكبار المضاربين، استطاعت ان تصل باقيام الكثير من الشركات الى قيم متدنية حسب طبيعة كل مرحلة دون اللجوء لظغط مؤشر السوق الذي لم ولن يكون فرس الرهان في اي صعود قادم، وماحصل من تداعيات للازمة المالية انما هو حق اريد به باطل، فالسوق كان مهيأ لانخفاض القيمة السوقية حسب ماخطط له ولكن بشكل ابطأ مما حصل ولعل ماحصل ينطبق عليه المثل الشعبي (حج وقضيان حاجة) حيث اتت الفرصة على طبق من ذهب لاختصار زمن قد رتب له ومن منطلق (بيدي لا بيد عمرو) و(خاربة خاربة خلونا نعميها ) تم ضرب السوق لاسباب ليس جلها يتعلق بمخاوف تداعيات تلك الازمة وتأثيرها على اقتصادنا وانما شاركتها اسباب تتعلق بالرغبة في استغلال الفرصة للشراء باقل الاسعار والظفر برماد هذه المحرقة وبقدرة قادر تتشكل عجينة كعكة السوق القادمة التي ستباع بأغلى الأثمان وبأقل جودة . وما نراه اليوم من تحقيق الكثير من الشركات لاقيام مقاربة للقيمة الاسمية او اقل منها، وهجران السيولة لها رغم انخفاض اسعارها انما هو امر مرسوم بعناية في تكرار لمشهد السوق الواقعي ابان فترات سابقة كان السوق خلالها يقول (للمحسن احسنت وللمسيء اسأت) واذكر حينها عند بداية التداول بالنظام الآلي "تداول" بعد عام 2000م كانت العديد من شركات السوق تقبع في خانة القيمة الاسمية ( 50ريالاً) في وقتها قبل التجزئة اي 10ريالات حاليا دون اي حراك ولا يتم تنفيذ اي صفقة عليها طوال اليوم وتجدها متزينة بعبارة N/A اي غير متاح والمقصود بها ان اسعار الافتتاح لهذا اليوم غير متوفرة فلا سيولة تستجدي طلب تلك الشركات، ولا اخبار تدعمها، فكانت عانسا في بيتها وما اشبه اليوم بالبارحة بعد ان غابت شمس بعض الشركات واصبحت تسبح في فلك ال 10ريالات والقائمة تطول لشركات اخرى تستهدف تلك الخانة ولربما تزحف في طريقها لقيم اقل في قادم الايام، ولا غرابة ان كانت هناك سيولة تخوض في وحل تلك الشركات الخاسرة من منطلق ان "لكل ساقط لاقط" بعد ان كانت تلك السيولة اعصارا يجتاح سواحل تلك الشركات وخطاب ودها بالآلاف، ومن منطلق ان "لكل شيء اذا مازاد نقصان"، افل نجم تلك الشركات وهرب خطابها وتجسد المثل الشعبي الدارج "اذا كثرو خطاطيبها بارت" على ارض السوق بنتيجة ان السوق يعود للمنطق ويخالف العاطفة بجعل تلك الشركات الورقية "تبور" .