قرأت في جريدة "الرياض" الغراء يوم الاثنين 22رمضان 1429ه العدد 14700، تعقيباً للأخت نوير الشلوي زعمت أنه تصحيحاً لمقال للصحفي محمد الحيدر، عنونته ب "التمريض ليس مجالاً للدخلاء!!"، نفت فيه أن يكون بين الممرضات طقاقة وليتها توقفت عند هذا بل قالت نصاً متوعدة من تسول لها نفسها الجميع بين المهنتين: (والتي لا تمس كرامة مهنة التمريض فقط بل تمس جنسيتها السعودية)، لم أود الرد وتريثت قليلاً راجياً أن يأتي ما يكفيني ذلك، ولكن وبعد مرور بعض الوقت كان لا بد من وضع النقاط على الحروف وتعديل مفاهيم اجتماعية معوجة. بداية، لقد دافعنا بالأمس دفاعاً مستميتاً حين قيل أن هناك من يفكر مجرد تفكير أن تعمل السعودية خادمة منزلية، وذلك لاعتبارات ليس وقت سردها، ولكن أن تصل هذه النظرة الدونية لمهنة تعمل بها نساء سعوديات من قديم الزمن حتى لو كان جمعاً بين المهنتين المذكورتين فهذا مدعاة لإعادة النظر بالكثير من القناعات، إذ كيف توصم مهنة شريفة كمهنة الطق ذات الدخل المرتفع بهذه التهمة المثيرة للدهشة والذهول والتساؤل؟!، واليوم إن صمتنا على مثل هذا الطرح فستأتي غداً من تقول أن رجل الأمن الخاص وسائق الليموزين وبائع الخضرة وغيرها من المهن الشريفة بأن ممارسها لم يحافظ على كرامة جنسيته السعودية!!، متى نعي أن المجتمع شرائح مختلفة لكل شريحة ما تراه مناسباً لها من مهن وأعمال، وبالتالي لا يحق لشريحة أياً كانت أن ترى غير ذلك تلميحاً أو تصريحاً طالما ذلك لا يخالف شرع الله جل وعلا، فهذه سنة الله تعالى بالكون ونعمة أن سخر بعضهم لبعض؟!. عجباً، يا مجتمع كيف أصبح الذي يقبل الصدقة والزكاة وهو بكامل عافيته وبتقصير منه رجل أجبرته الظروف على ذلك والذي يعمل أو تعمل بمهنة شريفة مهما كان نوعها ودرجة تقبلها للمجتمع ولكن تكفيها سؤال الناس أو الانحراف أخطأت الطريق؟!، هذه النظرة القاصرة يجب أن يوضع لها حد، وإلا كيف تقتل المواهب في مهدها؟!، كيف يُرفض مثلاً عمل الابنة أو الزوجة أو الأخت كوافيرة وقد برعت في هذا المجال وفي نفس الوقت يوصون ويذكرون أهل الخير بعدم نسيانهم حين يقبل رمضان؟!، أرجو أن لا يأتي من يقول إنه الخوف عليهن، لقد منعن من إظهار إبداعهن للقريبات بدعوى أنها مهن معيبة، فماذا يعني هذا غير أن بيننا في هذا المجتمع من هم طرارون ويتشرطون؟!. عوداً إلى الأخت نوير، صدقاً تمنيت لو استغلت الفرصة فشرحت معاناة مهنة التمريض في العمل وخارجه وضرورة إيجاد الحلول الناجعة لها بدلاً من الخوض والإفراط بذكر مواد الخدمة المدنية لا سيما وقد صرَّح مصدر مسؤول بوزارة الخدمة المدنية قبل أيام لإحدى الصحف المحلية فقال نصاً: (إن الأصل هو عدم جواز الجمع بين العمل في الأجهزة الحكومية والعمل بالقطاع الخاص غير أنه توجد بعض الأعمال والنشاطات والمهن التي سمح للموظف بممارستها إلى جانب وظيفته وفق ضوابط محددة، وهذا مما يؤكد أن وزارة الخدمة المدنية لا تقف ضد تحسين الدخل أو الجمع بين وظيفتين شريطة أن يثبت لديها عدم تأثيره سلباً على المهنة الرسمية الحكومية. إن اللغة الفوقية والنظرة الدونية التي كتب بها ما يزعم أنه تصحيح وتوضيح هي الدخيلة على مهنة التمريض المتعارف أن ممارستها ملاك رحمة وبلسم يداوي الجروح ولا يزيد في تعميقها، ثم ألا تعلم الأخت نوير أن مهنة الطق شرف وفن وأن ما تحصل عليه الطقاقة في شهر يعادل ما تحصل عليه كممرضة في سنتين أو ثلاث؟!، كيف فات على الأخت نوير أن الطق موهبة وهواية وإحساس تحن له الكثيرات؟!، وكيف فات أن موسم الأفراح محصور غالباً بوقت معين وأيام معينة تستطيع معه الطقاقة التوفيق بين عملها الرسمي والخاص حتى لو اختلفت المهنتان؟!. ختاماً، ترجو الممرضات الطقاقات من المسؤولين عن الصحة أن تكون إجازتهن الأسبوعية يومي الأربعاء والخميس لكثرة الزواجات بهما، ويطالبن معالي وزير العمل بسعودة الطقاقات قبل أن يستولي عليها الدخلاء الحقيقيون بدعوى أن الأخت نوير صرحت بشكل أو بآخر أن من تمارس مهنة الطق لم تحافظ على كرامة جنسيتها السعودية!!، وما يصح إلا الصحيح.