أكثر من 90يوما للإجازة السنوية التي دخل فيها شهر رمضان المبارك هذا العام لأول مرة منذ عشرين عاما كعطلة رسمية بدأت في العد التنازلي لإغلاق أبوابها لتفتح باباً آخر أمام متطلبات العيد ومقاعد الدراسة.. كل هذا وضع العديد من الأسر ذوي الدخل المحدود في مأزق!! في ظل ارتفاع الأسعار الذي أصبح هم المواطن الأول فما بين مصاريف الإجازة والترفيه ومتطلبات شهر رمضان وهدايا العيد وأيضا عودة المدارس جميعها مناسبات وضعت جيوب أرباب الأسر في أولوية ما تحمله معها من متطلبات تفرض وجود سيولة مالية توازي هذا الحجم الأول من نوعه من الطلبات. وحيث إن الدراسات غير الرسمية التي أجريت على هذا الخصوص في الأعوام الماضية أشارت أن خط الفقر للمواطن السعودي يبلغ 1120ريالاً بالشهر -بدون تكلفة أجرة المنزل- في حين يبلغ خط الكفاف 1660ريالاً. إضافة إلى متوسط الأجرة السنوية لشقة صغيرة مقبولة للسكن في أي مدينة بالمملكة لن تقل عن 6500ريال للفرد، و 10500ريال للأسرة المكونة من فردين، و 11ألف ريال بالنسبة لثلاثة أفراد، و 12ألف ريال للأسرة المكونة من أربعة أفراد أو أكثر... هنا في هذا الجانب (الرياض الاقتصادي) ناقش هذه القضية في تحقيق موسع أوضح في بدايته الكاتب الاقتصادي مستشار المحاسبة المالية بجامعه الملك خالد بأبها الدكتور محمد بن عبدالله آل عباس أن المواطن البسيط ذا الدخل المحدود يعاني في هذه المرحلة الاقتصادية التي تمر بها المملكة من ظاهرة التضخم وهي تعني في ابسط صورها ارتفاع الأسعار. وهذا التعريف رغم بساطته إلا انه يساعد في فهم الأوضاع الاقتصادية التي تواجه المواطن السعودي في هذه الأيام. فالتضخم بشكل عام وصل إلى مستوى قياسي بلغ 11بالمائة بمعنى أن الأسعار ارتفعت بهذا القدر خلال عام من الفترة المنصرمة لكن القضية لو وقفت عند هذا الحد لهان الأمر أو لنقل يمكن التعامل معه بحيث يستطيع المواطن من إعادة جدولة قضاياه المهمة وتوزيع دخله المتناقص على هذه المهام. لكن مثل هذه القدرة تصبح في مهمة مستحيلة مع تتابع المواسم وتقاربها وإذا أضفنا لها التركيز الكبير في الخدمات وقطاع التجزئة بمعنى أن جزءاً كبيراً من حجم هذه الصناعات بيد عدد قليل من التجار مما يمكنهم من فرض أسعار خاصة وتحقيق أرباح احتكارية كبيرة. فهنا يعاني ذوو الدخل المحدود من تضخم متراكم إذا فهم التضخم الاقتصادي العام الناتج من التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة بشكل عام والتضخم الناتج من عمليات الاحتكار التي يمارسها كبار تجار التجزئة كعوائد على احتكاراتهم وتضخم بسبب الطلب المتزايد نتيجة للمواسم التي تتابع ولكل موسم تضخمه فمن رمضان إلى موسم العيد وبعده وبشكل فوري موسم العودة للمدارس. كل هذه المواسم تمر على دخل شهري واحد وإذا كان احدها يكفي لإنهاء راتب الشهر في يومين فان ثلاثة مواسم تكفي لقهره لمدة طويلة لأنه سيحتاج إلى الاستدانة لتغطية الطلبات اللامحدودة. وعن الحلول المفترضة قال عباس : الحقيقية أن الحلول موجودة ولكنها تحتاج إلى صدق النية والإخلاص في العمل، فنحن بحاجة إلى رقابة فاعلة وحقيقية خلال هذه المواسم لتجار التجزئة وخاصة الموزعين المعتمدين لكل سلعة وهي مهمة وزارة التجارة في المقام الأول ثم كل مواطن. لابد من تفعيل مشاركة المواطنين بحيث يحتاج رقم للاتصال على مدار الساعة للاستفسار عن سعر أي سلعة بحيث يتمكن المواطن من اتخاذ قرار الشراء بشكل سليم والتبليغ عن أي محاولة لاستغلاله. ثانيا يجب بذل الجهد لتوفير كميات وافرة من السلع خلال هذه المواسم ومع منع أي عمليات تخزين غير شرعيه وغير مصرح ثالثا يجب أن تفعل الزكاة بحيث تصل إلى مستحقيها فمن المعلوم أن شهر رمضان المبارك هو موسم للزكاة أيضا حيث درج معظم الناس على احتساب الحول بدء من هذا الشهر ليتم آخراج الزكاة فيه أيضا وبهذا فان الزكاة يمكن أن تلعب دورا فاعلا في تخفيف معاناة ذوي الدخل المحدود. مضيفاً عباس قائلاً :أتمنى من هيئة كبار العلماء أن تحدد مبلغا من الدخل يحدد من يستحق الزكاة وفقا له ومن لا يستحق فنحن نعلم أن حد الكفاف قد ارتفع كثيرا مع هذه الموجه من التضخم فثلاثة آلاف ريال لعائلة مكونة من رب أسرة وزوجه وطفلين مع سكن مستأجر تعد اقل من اليوم من الكفاف إن لم يكن اقل منه ففتوى بهذا الخصوص تمكن من دفع الزكاة إلى هؤلاء الذين نراهم أغنياء من التعفف وهم وأسرهم يعانون من ويلات ارتفاع الأسعار وتزامن المواسم. كما أتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تعمم على جميع المدارس بعدم إرهاق الأسر بطلبات لا مبرر لها، كما يجب عدم ربط درجات الطلاب وتقدمهم الدراسي بتحقيق رغبة المدرس أو المدرسة في طلبات معينة بحيث تخصم درجات المشاركة بمجرد عدم تلبيتها وليعلم الجميع أن الأسرة السعودية ذات الدخل المحدود تبذل جهداً كبيراً لتوفير متطلبات الحياة. تحتج الجمعيات الخيرية اى بذل جهد اكبر وتوسيع نشاطها ليس فقط لخدمة الأيتام والأرامل فقط بل أرباب الأسر الذين تقل رواتبهم عن حد الكفاف وليس لهم دخول إضافية. ومن جانب آخر وخلال جولتنا الميدانية على ارض الواقع التقينا المواطن حسن عائض البناوي في أحد المكتبات التجارية الخاصة بلوازم الدراسة الذي أكد أن هناك من أرباب الأسر ذوي الدخل المحدود يعيشون معاناة حقيقية من تلك الطلبات موضحا أن ثقافة الاقتصاديات الأسرية تغيب عن الكثير منهم وهذا ما قد يخلق أزمة مالية في حين تواتر مواسم الطلبات مثل هذه الأيام مطالبا البناوي خلال حديثة تفعيل الرقابة الفعلية من الجهات المسؤولة خاصة وزارة التجارة على أسعار تلك اللوازم المدرسية مؤكدا أنه وخلال شرائه وجد تفاوتاً كبيراً في فارق السعر بين متجر وآخر. هذا ما جعلنا نلتقي الأستاذ إبراهيم البيشي المشرف على أحد المحلات التجارية لبيع التجزئة حيث أكد أن إختلاف الأسعار تنبني على نوعية وجودة المنتج وهذا ما خلق الفرق في السعر موضحا أن الأسعار التي يتعامل بها في متجره تحت إشراف فرع التجارة دون أن ينكر أن هناك العديد من تجار تلك اللوازم يبالغون في السعر وهذا ماهو موجود بالسوق ناصحا المشتري التحري في الأسعار وعدم التسرع في الشراء حتى تتضح له رؤيا الأسعار كاملة في كافة المحلات المختصة لبيع تلك المستلزمات ومن جانب آخر وفي أحد أسواق المواد الغذائية أوضح المواطن عبدالله خالد عسيري أن ارتفاع المواد الغذائية واضح وملموس وهذا ماحد الكثير من عملية الشراء أو أجبرهم على الإستدانه في ظل عدم توازن الرواتب المصروفة مع متطلبات المعيشة في الوقت الراهن مؤكدا أنه يمر بأزمة حقيقية مع تزامن مناسبات الإجازة ودخول شهر رمضان والعيد وعودة المدارس قائلا أن راتبه لم يغط جميع هذه التكاليف حتى المفروضة منها بعيدا عن الترف موضحا أن راتبه 4500ريال كمتبق له من إجمالي راتبه ال 6000ريال كما أوضح من جهة آخرى المواطن إبراهيم عبدالرحمن أن معاناة هذه الأشهر تترتب أيضا على تفاوت واختلاف مواعيد الرواتب الشهرية خصوصا في شهر رمضان حيث تصرف في اليوم العشرين لشهر رمضان فيما تصرف في شهر شوال في الخامس والعشرين وهذا ما خلق تفاوتاً أجبر البعض على إختلاف سياسات مصاريفه موضحا المعاناة التي تنتج عن ذلك في ظل دخول عيد الفطر ومستلزماته وما يليه أيضا من مستلزمات عودة المدارس قائلا :هنا ثقل واضح سواء على ذوي الدخل المحدود أو حتى المتوسط لأنها قد لاتستوعب تلك الرواتب هذه المناسبات في وقت واحد.. وعلى الصعيد نفسه التقينا المواطن محمد بن علي بعمره التسعيني في منزله الذي أوضح أنه يتقاضى راتبا شهريا بمقدار 700ريال من قبل الضمان الإجتماعي قائلا إنه لم يعد يكفي متطلبات أسرته المكونة من ثلاثة أفراد وهذا ما جعله يعيش معاناة كبيرة مع الفقر على حد قوله وعزوفه عن الكثير من مستلزمات حياته الخاصة لتوفير لقمة العيش التي تصل أحيانا إليه من قبل فاعلي الخير. وقال من جانب آخر الشاب سلطان العسيري (أعزب) أن هذه المواسم مع متطلباتها جعلت الكثير من الأسر يعيشون معاناة حقيقية في ظل ارتفاع الأسعار التي لا تجد أحيانا مبرراً لبعضها موضحاً معاناته الخاصه كونه يعمل بعيدا عن أسرته وليس متزوجاً وهذا ماجعل متطلباته من السوق وهذا ما لم يسمح له بتوفير مالي له مستقبلاً على حسب قوله مطالباً الجهات المختصة التحقق ومتابعة كافة الأسعار خصوصاً المواد المستهلكة بشكل يومي.