(FM- 2030) ليس رمزاً ذرياً او محطة فنية أو معادلة رياضية بل اسم حقيقي لبروفيسور من جامعة ميامي مشهور بكتاباته عن تطور التكنولوجيا ومستقبل الإنسان.. وقد ألف خمسة كتب في هذا المجال وسطر آلاف الدراسات والمقالات ووصفته النيويورك تايمز حين وفاته بقولها "لقد ولد قبل وقته بمائة عام وتوفي قبل أوانه بسبعة وعشرين عاماً.. وهو - غير اهتماماته المستقبلية - يعتبر نفسه عالمي الهوية حيث عاش في أحد عشر بلدا ويتحدث الفرنسية والعربية والعبرية والانجليزية بطلاقة.. ولتطبيق مبدأ عولمة الانسان على ارض الواقع تطوع بين عامي 1952و 1954للعمل مع الفلسطينيين ، وشارك عام 1948ضمن فريق إيران الأولمبي، واعتصم في الستينيات مع عمال سيتروين في باريس، وشارك في المظاهرات المناهضة لمؤتمر التنمية المستدامة في جوهانسبيرج عام 2003! وقد تنبأ في السبعينيات بظهور الاستنساخ والخريطة الوراثية ، وتوقع في الثمانينيات ظهور الطب الاتصالي وانفجار الانترنت.. وفي عام 1989ادعى أن الاطباء سينجحون (بحلول عام 2030) في إعادة الحياة إلى الموتى بعد تجليدهم في النيتروجين السائل.. وحينها غير اسمه من إيسفان ديري (وهو اسم بلجيكي) إلى FM- 2030 تيمناً بعودته إلى الحياة عام . 2030.وبعد وفاته في الأسبوع الماضي (عن 79عاما) تم تجليده من قبل احدى الشركات المتخصصة في أريزونا وحفظت جثته في كبسولة كتب عليها "تفتح عام 2030حسب وصيته" !! هذا الخبر - الذي اوردته وكالة الأسوشييتد برس - قد يكون غريبا بالنسبة لشخص طيب مثلك؛ ولكنك في الحقيقة.. لم تسمع شيئا بعد.. . !! ففكرة تجليد الموتى ليست غريبة في المجتمعات الغربية هذه الأيام؛ فقد مهد لها كُتاب الخيال العلمي منذ مائة عام وأجريت عليها التجارب منذ الثلاثينيات وبدأت إرهاصاتها "كبزنس" في السبعينيات - ومازالت حتى اليوم تقتصرعلى تجليد الميت بدون ضمان عودته إلى الحياة (يعني.. خدمة باتجاه واحد)! والفكرة من أساسها تعتمد على أنصاف حقائق وإيمان قوي بالمستقبل؛ فمن المعروف أن خلايا الجنين المجلدة (حتى 196تحت الصفر) تعود للعمل حين ترتفع حرارتها إلى 37مئوية.. وعلى نفس السياق تعود قلوب الحيوانات للخفقان والأعضاء المقطوعة للعمل ( بشرط عدم وصول العضو المجلد لمرحلة الموت النهائي).. ورغم أن هذا الظاهرة استغلت في حفظ الاعضاء البشرية ك"قطع غيار" لكنها لم تصل أبدا حد إعادة الحياة للموتى (وبطبيعة الحال؛ لا نفترض نحن ذلك).. غير أن هناك من يؤمن بقدرة العلم على إعادة الحياة للاجسام الميتة فيما لو جُلدت لزمن اكثر تقدما. ولتلبية هذه الرغبة ظهرت شركات عالمية متخصصة تضم أطباء وعلماء مقتنعين بعملهم.. ففي امريكا مثلا يوجد حاليا 64جسدا مجلدا تنتظر أياما افضل، وهناك خمسة رؤوس في فرنسا يؤمل زرعها مستقبلا في أجساد اكثر صحة وشبابا !! وحسب القانون الفرنسي والأمريكي يجب أن تتم عملية التجليد بين الموت العيادة والموت النهائي - أي بعد 15ثانية تقريبا من توقف القلب عن النبض.. وخلال هذه الفترة يستبدل الدم بمادة بيولوجية حافظه ويغمس الجسد بسرعة في النيتروجين السائل/ وهذا ما حدث بالضبط للبروفيسور FM- 2030.. وعملية التجليد ليست عادة شعبيه أو متوفرة بسبب تكاليفها الباهظة؛ فشركة كريونيكز مثلا - في كاليفورنيا - تأخذ نصف مليون دولار كمقدم أتعاب و 4000شهريا تكاليف تخزين ومراقبة وتجديد للنيتروجين.وكان رجل الكرتون الشهير "والت ديزني" أحد الذين طلبوا تجليدهم بعد وفاتهم غير أن وصيته لم تنفذ بسبب دعوى رفعها ورثته مدعين كتابتها في ظروف نفسية سيئة (... ولكن الحقيقة هي خوفهم من عودته بعد 30عاماً ومطالبته ب 700مليون دولار !!)