خلال هذا الشهر المبارك قامت أكثر من محطة فضائية بإيقاف أكثر من مسلسل عربي من العرض بناء على مخاوف من اثاره الفتن بين القبائل العربية. بداية تساءلت هل نحن كمجتمعات عربية بعد كل تلك السنين يمكن ان تتحرك داخلنا نعرات الفتنة والصراع القبلي بسبب مسلسل تلفزيوني.. هل نحن نعيش كل هذه النهضة التقنية ونستخدم كل أدوات التطور العلمي ونعاني من هذا الضعف إلى حد التأثر بطرح درامي قد لا يخلو من التجارية في بعضه؟؟.. الاخطر من ذلك ان بعض المثقفين طالبوا بإيجاد مؤسسات أو جمعيات ثقافية يتم من خلالها اجازة العمل أو رفضه..؟ السؤال هل نحن كعرب نعشق الوصاية حتى على ابداعنا..؟ الا يستطيع مؤلف أو مخرج أو منتج العمل ناهيك عن أبطاله من المخضرمين إدراك إن كان هذا العمل يثير فتن أم لا..؟ أعتقد أن الاشكالية متداخلة بين الاحساس بالمسؤولية والرغبة في صناعة عمل درامي تاريخي مع الأخذ في الاعتبار الرغبة في المكاسب المالية.. الأكيد ان من حق المنتج ان يفكر بالمكاسب المالية بل ان ذلك امر مشروع ومطلوب لاستمرار العمل.. ولكن الخطورة ان البعض يتجاوز احساسه بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية إلى حيث المال فقط وان كان ثمنه انهيار قيم أو طرح درامي رخيص أو إثارة الفتن بين اطراف عربية. إشكال كبير ان يطالب المثقف العربي بزيادة مصادر الوصاية على فكره وعمله.. مع ان الافضل والمتوقع مع اتساع مساحة حرية الطرح وفرص الوصول للمواطن العربي ان يرتقي المثقف العربي بأسلوبه وفكره إلى أن يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه.. مع ان جزءاً من الواقع الإعلامي الفضائي العربي للأسف يكشف طغيان الرغبة في الحصول على المال بغض النظر عن الاساليب أو محتوى الرسالة الإعلامية ولعل ما يؤكد ذلك أشكال الاسفاف في الكثير مما يطرح في محطاتنا العربية والتهريج المبالغ فيه لاضحاك المشاهد ثم سلبه نقوده. أن يتم ايقاف مسلسل لجرأته في مواجهة الواقع المعاصر نرفضه.. ونستكثر على اجهزة الرقابة فعل ذلك.. ولكن ان يتم تحريك الخلافات القبلية عبر الدراما فأمر أيضاً لا نقبله ولكن هذه المرة من المثقف الذي عليه أن يدرك ان الأمر ليس تجارة فقط بل وأمن وطني واجتماعي وموروث لا نريد تحريكه لاستثارة النعرات خاصة وأن البعض للأسف وعيه ونضجه الفكري لا يستوعب أن ذلك تاريخ وانتهى.. ولا اعتقد أن عالمنا العربي عموماً يحتمل تحريك مياه الخلاف بل الواقع يتطلب حنكة ووعياً.. من المحطات الفضائية عموماً والمثقفين على وجه الخصوص..، ولعل البعد عن تاريخ الخلاف إلى تاريخ الشجاعة والقيم الأصيلة أفضل من الناحيتين الوطنية والمالية خاصة وأن لدينا جوعاً واضحاً لتلك الأصالة.