تمر بلادنا بمرحلة من التضخم كان يمكن أن نحاربها، ولكن هناك اقتصاديون يذهبون إلى أن التضخم شر لا بدّ منه، وإننا يمكن أن نحتمله، ويحذرون من تدخل الحكومة لمعالجة آثاره، وهؤلاء يعتبرون من أعضاء مدرسة شيكاغو التي اسسها ملتون فريدمان أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو والحائز على جائزة نوبل، والذي مات في العام الماضي عن عمر يناهز الثانية والتسعين، وفريدمان تصدى للنموذج الاقتصادي الذي وضعه جون ماينارد كينز والذي أسفر عن تأسيس ما يعرف بدولة الرفاهية أو Welfare State وتتلخص نظرية فريدمان في ثلاث نقاط هي: الخصخصة، الحد من تدخل الحكومة أو Government deregulation، والحد من الانفاق الحكومي على المجالات الاجتماعية كالتعليم والصحة والضمان الاجتماعي ودعم السلع، وقد أطلقت عدة أسماء على نظرية فريدمان كاللبرالية الجديدة.. وأول من طبق أفكار فريدمان هي مارغريت ثاتشر ثم طبقها ريغان وتطبق الآن فيما يسمى بالعولمة، وخاصة بشكل شرس ووحشي في العراق، وبفضل تطبيقها استطاعت شركة هالبرتون أن تربح عشرين مليار دولار في السنوات القليلة الماضية، وبفضلها أيضا ستستولي شركات البترول الأمريكية على بترول العراق، ولكن الجياع في العالم في هايتي وبنغلاديش والمحلة الكبرى في مصر ثاروا على العولمة، وتراجعت بعض الدول عن تطبيقها، وأقدمت مرة أخرى على دعم السلع الغذائية، ونشهد الآن في كل يوم تنامي إحساس العالم بالآثار المدمرة للعولمة.