شجرة الأثل.. بنت هذه البيئة، كنا ننسجم معها ونتعايش مع مكوناتها بشكل طبيعي دون تدخل الإنسان، تتحمل كل الظروف... أظلت الركبان و"الكشّاته" يوما ما.. واستندوا الى جذعها. وأيضا وجدنا سقوف الخشب في منازلنا القديمة ظلاّ باردا. كل منازلنا اتخذت من خشب الأثل سقفا. وهل سمعت غناء محالة السواني؟ إنها مصنوعة من أخشابه. إن أردت أن تقرأ أشياء أخرى صُنعت من خشب الأثل، فهاك: - مقابض السكاكين وأدوات الحفر والحرث. - الخزائن والرفوف والأوتاد. - أنواع الأثاث من الطاولات والكراسي. - الأبواب والنوافذ. تعمير العاصمة الرياض كان لشجرة الأثل النصيب الأوفر فيه. واستفاد الناس من أهل الخرج والقصيم من شحن اللواري بخشب الأثل عندما امتد البناء الطيني وشمل منطقة المربّع وتعداها. وقرابة نهايات القرن الهجري الماضي تحمّس بعض كبار الوطنيين في وزارة المعارف وقدموا مشاريع لجعل المقاعد المدرسية أو جزء منها من خشب الأثل، مظهرين أن المادة متينة وجيدة التحمّل، والأشجار موجودة وسريعة التجدد ولا تُستنفد ولا تحتاج الى المياه الكثيرة، ولا الرعاية المُكلفة. وقال المتحمّسون آنذاك إن هذ النهج سيجعل المملكة تأخذ امتياز الخبرة والريادة في هذا النوع من التصنيع. لكن ذاك المشروع لم يجد العناية أو الرعاية من أحد. ومرّة رأيتُ أمريكيّا يقف في عنيزة ومعه شاحنة كبيرة، وقال إنه يشتري مخلفات هدم مباني الطين من الأخشاب الكبيرة ويشحنها الى الدمام حيث اتفق مع شركة شحن بحري على إرسالها الى بلاده. وعندما سألته هل الفكرة مجدية مع ما يتحمله من جهد ومصاريف نقل ثم مصاريف الشحن البحري والتأمين والمناولة والتخليص والتسليم في بلده أجاب: صحيح، لكنني سأستعيدها في وقت قصير. وشرح لي أنه - مع شركاء - يملكون مطعما في بلدته، نجحوا في جعله شرقيّا، وأنهم عازمون على التمدد في هذا المضمار لفتح مطعم آخر ذي زخرفة عربية قديمة، بشرط أن تكون كل الزخارف أصلية وليست مُصنّعة، إمعانا في اجتذاب المقيمين في البلدة وضيوفهم، كونهم من متقاعدي شركات الزيت العربية. ولاء وإخلاص ووفاء تلك الشجرة الصحراوية لحاجتنا الملحّة قديما ولل..."الديكور" أو زخرفة الترف حديثا. حيوها معي..