"يا شيخ.. لديّ رحى من أيام جد والدي.. قد أوقفها على المساكين.. ما الذي أعمل بها فضيلتكم.. أرخى الشيخ رأسه قليلاً.. ثم قال: ضعها لديك يا بنّي.. فقد يعود الدهر يوماً.. وتتحقق بها مقاصد مُوقِفِهَا..!" نصت نصوص الشريعة الإسلامية على تحقيق مقاصد الوقف في كون الفرد مناط التكاليف والمسؤوليات الشرعية والاجتماعية وهو معقد الآمال بعد الله عز وجل في عون أمته، للنهوض بمؤسساتها العلمية، والاجتماعية، إضافة إلى التخفيف من وطأة الحياة وقسوتها على الأفراد المعوزين، أو الغارمين، أو من أثقلتهم الديون، أو إيجاد مأوى للمحتاجين، وغير ذلك من أعمال الخير التي يعود نفعها على أفراد الأمة. لكن هذه المقاصد.. تغيّب في بعض الأحيان.. نتيجة لغياب مفهوم أنه إذا بطل نفع أي من ممتلكات الأوقاف إلى درجة أن لا تتحقق معه مقاصد الواقفين من هذا الوقف بسبب.. فإنه يجوز صرفه الى منفعة أخرى تحقق إنتاجا استثمارياً يحقق أهداف الواقفين أفضل من الحالة السابقة.. وهو ما يسمّى في الفقه بالإبدال والاستبدال: فالإبدال هو بيع عين الوقف ببدل من النقود أو الأعيان، أما الاستبدال فهو شراء عين أخرى وجعلها وقفاً بالبدل الذي بيعت به عين الوقف.. وكما قال الشرع كلمته في هذه الجزئية كذلك قال القضاء أيضاً حكمه فيها من أنه يجوز بيع الوقف الذي لا يحقق أهداف الواقف أو مبادلته بعقار.. حيث جاء في الفصل الأول من الباب الرابع عشر (تسجيل الأوقاف والانهاءات) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية عدة نقاط تنص على هذه الجزئية في المادة الخمسين بعد المائتين: إذا اقتضى الأمر نقل وقف فليس لناظر الوقف سواء كان ناظراً خاصاً أو كان إدارة الأوقاف أن يجري معاملة النقل إلا بعد استئذان القاضي الشرعي في البلد التي فيها الوقف وإثبات المسوغات الشرعية التي تجيز نقله على أن يجعل ثمنه في مثله في الحال. وكل ذلك يتم بعد موافقة محكمة التمييز. 2/250نقل الوقف من بلد إلى بلد آخر داخل المملكة يقتضي إذن قاضي بلد الوقف وتصديق محكمة التمييز عليه. وشراء بدله يكون لدى قاضي البلد المنقول إليه الوقف، بعد تحقق الغبطة والمصلحة من أهل الخبرة في الحالين. 3/250الإذن في بيع عقار الوقف أو شرائه يكون لدى المحكمة التي في بلد العقار، بعد تحقق الغبطة والمصلحة من أهل الخبرة. 6/250الإذن باستبدال الأوقاف الخيرية وبيعها يكون بعد موافقة مجلس الأوقاف الأعلى على ذلك. 11/250يسلم مال الوقف الذي لا يكفي لشراء بدلٍ للناظر للمضاربة به، بعد إذن القاضي وتحققه من ثقة الناظر وحذقه وتصديق الإذن من محكمة التمييز، على أنه متى اجتمع لدى الناظر من ذلك ما يكفي لشراء بدل بادر بالشراء عن طريق المحكمة. إنه كما يحتاط القاضي لتأكد الغبطة والمصلحة للوقف في صورته الجديدة.. فكذلك يجب.. الاحتياط لتعطل بعض الأوقاف بصورته الحالية ووقوفها دون دورها المرصود في نصوص الشريعة. @ الباحث في أنظمة العقار