في كل مرة يكتب أحد في صحيفة أو منتدى إلكتروني أو في جلسة خاصة ويطالب ببعض الحقوق للمرأة السعودية يجابه بالسؤال الذي يصاغ بطريقة تهدف للتضييق والإحراج وهو: هل ترضى هذا الأمر لأختك؟! ولكن هذا السؤال الذي يأتي كانتصار للموقف القائل بعدم إعطاء مثل هذه الحقوق للمرأة يكشف لنا الوجه الأكثر سوءاً في هذه الآراء. هل ترضى أختك؟! في هذا السؤال تختلط كل الأفكار القبيحة والسيئة عن المرأة السعودية من عدم كمال عقلها وإنسانيتها إلى عدم الثقة بها إلى التعامل معها كمخلوق مثير للغرائز الجنسية. يعكس السؤال منذ البداية الفكرة المترسخة والقائلة بأن الرجل هو المسئول عن المرأة. هذه الفكرة يقولها السائل وكأنه يتحدث عن أمر بدهي جدا . فهو يحوّل السؤال للرجل على الفور: هل ترضى، ويتجاوز المرأة وكأن المسألة لا تخصها أبداً. إنه من خلال ذلك يعبر عن القناعة العميقة التي تقول إن الرجل هو المسيطر على المرأة، وهو المسئول عن تصرفاتها وعملها لدرجة يختفي تماماً وجودها وأهميتها. فهي شخص لا يفكر ولا يقرر وهناك من يفكر ويقرر بدلاً عنها، لذا من الجائز سؤال شخص آخر عن أمر أساسي متعلق بحياتها. ولكن الرد البسيط على هذا السؤال هو أنه يجب أن يوجّه للمرأة نفسها كأخت أو زوجة وأم وليس لأي أحد آخر. المرأة هي كاملة الإنسانية والعقل وهي التي يجب أن تجيب على الأسئلة المتعلقة بها . إنها المسئولة عن التصرفات التي تقوم بها، ولها الحق إذا كانت تريد أن تسوق السيارة أم لا أو تعمل في أماكن معينة أم لا . السؤال يفترض سلطة للرجل على المرأة ومجرد الجواب عليه هو تأكيد لمثل هذه السلطة. حتى لو قال أحد إنه يسمح لأخته بقيادة السيارة فإنه يفترض أنها غير موجودة وأنه من يقرر عنها . وحتى الرضا أو الرفض هو في الحقيقة لا يعني شيئاً مهماً . لأنك تتحدث عن شيء خارجك حتى لو كانت أختك. روابط الدم مع أختك لا يعني أنكما شخص واحد ولكن شخصان منفصلان ولكل واحد إنسانيته وكرامته وحريته الخاصة . وسؤال: هل ترضى أختك، يكشف أيضاً عن القناعة السائدة التي تعتمد الشك بالنساء ورؤيتهن كشخصيات تميل إلى الانحراف. السؤال يفترض بشكل بأن ما ستقوم به أختك أو زوجتك سيجعلها تنغمس في الرذائل فكيف إذن يرضيك هذا الأمر غير الأخلاقي؟ من المثير أن مثل هذه المطالبات هي تتعلق بحقوق أساسية وليس فيها أي جانب مثير للريبة، ولكن هذه القناعة تنطلق من أن مجرد هذه الحقوق البسيطة التي يملك الرجل أضعافها هي ستقودها لارتكاب الأخطاء أو هي أخطاء بحد ذاتها. ولكن مثل هذه القناعة التي يحملها السؤال هشة جدا. المرأة ليست بحاجة إلى مثل هذه الوسائل إذا أرادت أن ترتكب شيئاً ما فهي ليست طفلاً يمكن ردعه ببعض الإجراءات. وحتى لو تم ردعها فما الفائدة إذا كانت تمارس كل ما تريد في سريرتها وخيالها الذي لا يمكن قمعه، لذا من المحزن جدا أن نشاهد رجلاً يسجن نساءه ويراقبهن من الوقوع في المنزلقات التي يخشاها ويتجاهل كل ما يدور في أعماقهن. إنه يحصل بذلك على الجسد فقط بينما الروح تكون في مكان آخر. إذا كنا نردد دائما أن نساءنا الأفضل بين نساء العالم (وهذا غير صحيح فهن لا يزدن أو ينقصن شيئاً عن نساء العالم) فلماذا ننظر لهن بهذه الطريقة المتشككة وغير الواثقة؟! بل إن الأخت التي تتربى معها في بيت واحد جديرة أن تحظى بالحب والثقة والاحترام . أخواتنا كغيرهن من الأخوات في العالم لديهن المعيار العقلاني للصواب والخطأ، والحرية ستجعلنا نراهن كما هن في الحقيقة كأجساد وأرواح فقط وليس مجرد أشكال جميلة وأرواح شاحبة. وسؤال: هل ترضى أختك، لا يرى في المرأة إلا كهدف جنسي فقط (لهذا يأتي السؤال في الغالب عن الأخت وليس الأم الأقل إثارة)، لذا فكيف تقبل أن تسمح بخروجها للخارج. لا يهم إن كانت تملك روحاً تتوق للحرية والكرامة أو عقل يميل إلى الاستقلال أو حتى جسداً يحب أن يمارس الرياضة أو القيادة . كل هذه أشياء لا قيمة لها إذا كان سيحافظ على هذا الكائن الجنسي. من الواضح أنه يجب علينا أن نتخلص تماما من هذه النظرة الاختزالية غير الصحيحة التي تصيبنا بالرعب من كون مثل هذه الحريات الطبيعية ستعني انفلات هذا الكائن من سجنه. مثل هذا السؤال مبني على وهم تبدده مئات النساء السعوديات اللاتي يملكن حريتهن وقرارهن الشخصي ويظهرن كنماذج مضيئة في مجتمعنا . أهمية سؤال: هل ترضى أختك أنه يأتي كوسيلة الدفاع الأخيرة التي تستخدم للإسكات عندما تعتمد لتحويل النقاش إلى شيء شخصي وحساس مثل أختك أو زوجتك، كما يفترض. ولكنه كما يبدو ليس شخصياً ولا حساساً . بل أنه شيء يدعو للفخر فعلاً، ليس لأنك ترضى أو لا ترضى، ولكنك تؤمن بحرية وكرامة وحقوق الإنسان سواءً رجل أو امرأة، وسواءً أخذها أو رفضها.