يُقصد بهذا التعبير voodoo economics تلك الآراء والوصفات الاقتصادية الغريبة التي تعِد بالمستحيلات ولا تستند إلى منطق أو تحليل معقول. وقد يتذكر البعض الضجة التي أحدثتها هذه العبارة عندما استخدمها جورج بوش الأب عام 1980م لنقد نظريات خصمه الانتخابي حينذاك رونالد ريجان. وعلى وجه الخصوص، كان بوش ومعظم علماء الاقتصاد يشككون في مدى قدرة ريجان على تحقيق وعده بتخفيض الضرائب وزيادة دخل الحكومة وتخفيض عجز الميزانية في آن واحد. ومن سخريات السياسة أن ريجان فاز في نهاية المطاف واختار بوش نائباً له، مما اضطره طبعاً إلى الدفاع عن تلك النظريات التي سخر منها ووصفها بالاقتصاد السحري. وأثبتت التجربة المُرّة عدم صحة نظريات ريجان الاقتصادية، على الرغم من أنه كان رئيساً محبوباً للغاية، حيث تضاعف عجز الميزانية خلال عهده وتراكم الدين العام ولم تستطع الحكومة الأمريكية سداده إلى يومنا هذا. أتذكر عبارةvoodoo economics كلما شاهدت أو سمعت "خبيراً اقتصادياً" يطلق وصفات غريبة للوضع الاقتصادي العالمي أو المحلي. فعلى سبيل المثال صرح "خبير أجنبي" مؤخراً بأن اقتصادات دول مجلس التعاون لن تتضرر من انخفاض سعر البترول من 148دولاراً إلى 115دولاراً للبرميل خلال الأسابيع الماضية. لم يشرح كيف يكون ذلك؟ ونحن نعلم أن كل انخفاض أو زيادة في سعر البترول يؤثر في الاقتصاد الخليجي، حيث يؤدي انخفاض سعر البترول دولاراً واحداً إلى انخفاض في دخل البترول بأكثر من خمسة مليارات دولار في الدول الست خلال العام، وبذلك تكون دول المجلس قد خسرت أكثر من 100مليار دولار نتيجة انخفاض سعر البترول في الأسابيع الماضية، أو أكثر من 10% من ناتجها المحلي الإجمالي! وبالمثل كان هناك تصريح لخبير آخر يقول فيه إن ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 10% خلال الأشهر القليلة الماضية لن يضر بالاقتصاد المحلي. وكيف يكون ذلك، وقد درس كل طالب اقتصاد أن التضخم آفة تنخر في جسم الاقتصاد ويؤدي إن لم يعالج في نهاية المطاف إلى فقدانه توازنه أو أسوأ من ذلك؟ وأنه يضر بالفقراء ومحدودي الدخل على وجه الخصوص، ويُضعف الثقة بالاقتصاد وبالعملة وأسواق الأسهم والسندات؟ ويزيد من الاستهلاك ويقلل من الادخار؟ هل هي اختلافات في الرأي أم أن المصداقية تأخذ لدى بعض الخبراء دوراً ثانوياً؟