ألغت وزارة الصحة من فتره ليست ببعيدة عقود أكثر من 1000طبيب أجنبي ما بين استشاري وأخصائي لما ثبت لديها بعد عشر سنوات من عملهم كأطباء أنهم حاملون شهادات مزورة تم الكشف والتحقق منها عن طريق الهيئة السعودية للتخصصات الطبية، وبهذا العمل نشكر الهيئة السعودية على يقظتها وحرصها (وهو دائما ما يكون بعد فوات الأوان) والعمل معا بجانب الوزارة لتحقيق الأهداف المنشودة والمشتركة، والتي هي طبعاً في صالح المريض، ولكن ما أدهشني بعد ذلك أن ترتكب الوزارة خطأ متعمداً في سن قوانين جديدة خاصة بها متجاهلة وجود الهيئة السعودية وكأنها تدير نفسها بنفسها بعيداً عن أي نظام متعارف عليه في أي من المستشفيات الكبرى أو الصغرى في المملكة تماشيا مع مقولة (أهل مكة أدرى بشعابها) فلا هي على النظام الأمريكي أو البريطاني أو الكندي وإنما تتبع نظام (حاجة العمل) فمنذ سنتين أصدرت مستشفى الملك سعود الطبي (الشميسي) التابعة لوزارة الصحة دستوراً للقنوانين الخاصة بسير العمل في المستشفى والتي يحدد المهام الوظيفية لكل تخصص من التخصصات الطبية والذي أضافت إليه تخصصاً جديداً وهو الصيدلة الإكلينيكية وهذا لحاجتها له كباقي مستشفيات المملكة التي طبقته منذ عشرات السنين، فوجدت المستشفى نفسها لا تملك الكوادر البشرية المؤهلة لهذا التخصص، فبأمر عاجل من المسؤولين قاموا بوضع قانون لشروط العمل في هذا المجال نصه: 1- أن من بين الأشخاص المصرح لهم العمل في هذا التخصص أي صيدلي حاصل على درجة بكالوريوس الصيدلة متجاهلة الشروط الواجب توافرها في هذا الصيدلي حسب الأنظمة والقوانين المتعارف عليها ولتلبية حاجة العمل ولا وقت لديها لانتظار إعداد كوادر مؤهلة قامت المستشفى بتدريب مجموعة من الصيادلة العاملين لديها وغير الحاصلين على مؤهل التخصص في مدة لا تقل عن 6شهور ولا تزيد عن سنتين على أيدي أطباء واستشاريين وأعطتهم شهادات خبرة ليمارسوا العمل به (طبعا في المستشفى فقط) لتحقق المثل (سمننا في دقيقنا) فلا داعي لوجود كوادر خارجية حتى ولو كانت متخصصة، ومن ثم منحت المستشفى لقب الصيدلة الإكلينيكية لهؤلاء دون أن تدرجه في الترقية لهم (عمل داخلي وتطوعي طبعا) وأطلقت أيديهم على المرضى ليفعلوا بهم ما تعلموه وما اكتسبوه فمن يحاسبهم على أخطائهم. وهنا أتساءل لماذا ألغت الوزارة عقود الأطباء الأجانب الحاملين شهادات مزورة مع أنهم اكتسبوا خبرة تزيد على العشر سنوات وكانوا بارعين وممتازين في تخصصهم وهي الآن ترتكب (نفس الخطأ)، فهي تمنح شهادات خبره لتخصص دقيق وغاية في الأهمية مثل تخصص الصيدلة الإكلينيكية وتكتفي بالتدريب فقط بدون دراسة أو حتى امتحان لمعرفة مستوى الصيادلة وتوظف بطريقة وفي نهاية استعراضنا لهذه المشكلة الخطيرة فإني لأقترح على إدارة المستشفى بعضاً من الحلول السليمة والمتبعة هذا إذا أرادت الإدارة تطوير نظامها الداخلي وتقديم أفضل خدماتها والنهوض بهذا التخصص واحترام الوسط الطبي لها وكفانا فوضوية ولا مبالاة واستهتار بحياة الناس. 1- على من ترغب المستشفى اختياره لهذا التخصص أن يحصل على شهادة PhD فإن لم يوجد فلا بد أن يخضع لامتحان الهيئة السعودية للتخصصات الصحية الذي يعقد سنويا لاختيار الأكفأ والأفضل من بين المتقدمين وعلى من يجتاز الامتحان يخضع لتدريب تحت إشراف الهيئة مدته سنتان متتابعتان في خمس مستشفيات على أيدي أخصائيين في الصيدلة الإكلينيكية وليس أطباء ليشهد له بعد ذلك قدرته على القيام بالممارسة الصحيحة المبنية على أسس منهجية علمية سليمة ويحمل المتدرب بعد ذلك شهادة معترف بها من الهيئة داخل المملكة وخارجها، وأني لمتأكدة بأن هذا الحل لن توافق عليه إدارة المستشفى لأنها تعلم جيداً بمستوى الصيادلة غير المؤهل لهذا الامتحان ومنهم اثنان رسبوا فيه ومع ذلك يمارسون التخصص بكل حرية. 2- إذا لم تقتنع الإدارة بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية التي أوجدتها الوزارة خصيصاً من أجل منح الرخص الطبية والشهادات للكوادر الصحية فعليها إرسال البعثات إلى الخارج لدراسة هذا التخصص واكتساب العلم قبل الخبرة فنحن لا نحتاج إلى خبرة وحدها بل إلى علم أيضاً، وبالفعل أرسلت الوزارة في العام الماضي عشرة صيادلة لدراسة هذا التخصص في حين أن المستشفى تمنحه للعاملين لديها بدون سفر وبذلك تكون قد وفرت على الوزارة مصاريف الابتعاث وعناء السفر للصيادلة. 3- لنفترض أن الحل الأول والثاني لم يعجبا الإدارة فعليها إذا أن تفتتح الباب للمتقدمين الحاصلين على هذا التخصص وتوظيفهم إلى أن يتم إعداد جيد وتدريب على مستوى عال للكوادر الموجودة سواء عن طريق الهيئة أو بالسفر للخارج، كلمة أخيرة أقولها، بمن نستغيث ولمن نشكو الإدارة المستشفى التي بدورها موافقة على هذا الوضع أم للوزارة أم لمن؟ لا أحب أن يكون كلامي مجرد حبر على ورق وتفريغ للغضب الذي يملأ صدونا ولكن أتمنى أن يكون هناك تحرك سريع وردة فعل قوية لمن يملكون حق القرار لوقف هذه المهزلة وردع هؤلاء لكي لا تنتقل عدواهم وتصبح أرواح المرضى أهون ما يمكون على مهنة خلقها الله لإنقاذ أغلى ما يكون على الإنسان وهي روحه.