تغييرات كثيرة على الساحة الفكرية والاجتماعية مررنا بها وعايشناها كمجتمع وأفراد في فترة قصيرة. وآثار هذه التغييرات واضحة جدا ونلمسها جميعا. البرامج الإعلامية في مختلف القنوات الفضائية تسعى وراء الضيف المحلي، وتسعى وراء القضايا المحلية. الرواية والكتب المحلية أصبحت محل اهتمام وأصبحت الأضواء مسلطة عليها. والسؤال الذي قد يخطر على بال الكثيرين؛ هل هذه ظاهرة مؤقتة مرهونة بظروف اجتماعية وفكرية ستتلاشى بمجرد زوالها؟ وهو سؤال بلا إجابة بالنسبة لي، لكن ربما هناك آخرون يملكون الإجابة عنه، لذلك سنترك هذا السؤال وننتقل لموضوع آخر! نحن طبعاً لا يمكننا أن نتجاهل التيارات الفكرية الظاهرة على السطح، والتي تناقش وتتحدث وتختلف، ولا يمكننا أن نتجاهل الأفكار المطروحة والنقاشات الدائرة، فمن الطبيعي أن نتابع هذه السجالات الفكرية، وهذه الطروحات التي يتبناها تيار وينقدها الآخر .. ومن الطبيعي أن نناقش هذه الطروحات وقد نتفق معها أو نختلف. وقد نختلف أو نتفق مع طريقة التناول ومع منطق النقاش. ولعل أبرز هذه التغييرات هو الانفتاح الفكري والقدرة على مناقشة الظواهر والقضايا الاجتماعية، خاصة تلك التي كانت تعيش في منطقة المحظور فكريا أو التي كان المجتمع يتفادى الحديث عنها أو مواجهتها. نحن مازلنا نحتاج لفترة من الوقت حتى نصل لمرحة النضج تلك المرحلة التي نعي فيها جيداً بأننا لسنا بمجتمع ملائكي وأننا لدينا أخطاؤنا ومشاكلنا الاجتماعية وشطحاتنا الفكرية وأننا بحاجة لمواجهة هذه المشاكل والتعامل معها وقبل ذلك الاعتراف لأنفسنا أولا بوجود هذه المشاكل وهذه الأخطاء، وأن علينا أيضا أن نتقبل شطحاتنا الفكرية وننقدها نقدا إيجابيا ونحن نخاطب العقل والمنطق بهدوء الواثق لا هستيريا المرتاب ؛ فالفجوة بين نظرتنا الذاتية لأنفسنا وبين صورتنا الحقيقية والواقع الذي نعيشه يجب أن تكون صغيرة حتى لا نخدع أنفسنا وحتى يمكننا أن نتعامل مع واقعنا بمنطق الواعي الذي يعرف مصلحته جيدا أليس كذلك؟