وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بأنه أحد أساطير الشعب الفلسطيني وسيد الكلمة والحكمة المعبر عن قضيته. وقال عباس في حفل تأبين الشاعر درويش في مقر المقاطعة يوم أمس الأربعاء "نودع نجماً أحببناه إلى درجة العشق وإن الفارس العنيد ترجل عن صهوة الشعر والأدب، ليترك فينا شمساً لا تغيب، ونهراً لا ينضب، من عطاء الخير والبشائر والأمل". وأضاف إن "رحيل درويش يضعنا أمام امتحان الصبر والقدرة على استمرار العطاء والإبداع، وإدامة تألق المشهد الثقافِي والإجابةِ عن إشكالياته وتساؤلاته، وليبقى المقرر في صياغة المستقبل، وتحديد مضامينه وتبليغ رسائله المعمدة بالحرية والعدالة العابقة بالجمال والمحبة". وأكد أن الراحل كان "بطلا ملتزما متفانيا مضحيا وقائدا في سائر جبهات الصمود والكفاح الأسطوري لشعبه، على امتداد زمن الثورة الممتد عبر العقود إلى إبرام عقدنا الاجتماعي الجمعي، بتأسيس الدولة التي نظم وصاغ بنبض قلبه وروحه دستورها". وقال عباس: "إنها أسطورة الشعب المجبولة بأسطورة محمود بتبادلية جدلية، هي الأكمل والأجمل ينقش بمهارة المبدعِ الخلاق ليس فقط ملامح هويتنا بل جدار وعينا، ليكون فينا ومنا ولنا، ويكون لكلٍ منا فيه حصة أو نصيب كما هي مع شعبه وقضيته مع أمته وإنسانيته ليصبح ذلك الخيط الحريري المميز في قوس نصرنا ومنارة عزنا في صلب نسيجنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية". ودعا عباس الجهات الحكومية والرسمية المعنية بجبهة الثقافة إلى إيلاء هذه الجبهة ما تستحق من تركيز واهتمام ورعاية وتوفير الإمكانات والموارد اللازمة لتمضي قدما نحو تعزيز دورها ومكانتها والعبور إلى عهد جديد من الأصالة والتجديد. وقال الرئيس الفلسطيني: "ليكن رحيله مدخلاً لتجنيد كل طاقات المبدعين أفراداً وهيئات، بكل المستويات الأهلية والرسمية، ليس فقط لسد المنافذ أمام فراغٍ كبير نشأ برحيله، وإنما بالارتكاز إلى تراثه ومدرسته وإبداعه العظيم، ليكون موته الموجع إِحياء تجديديا لجبهة الثقافة، وإغناء للمشهد الثقافي تأصيلا وحضورا وفعالية في قرار الوطن ومصيره وفي صورة الوطن وهويته، بل في عمقنا العربي والإسلامي وجوهر انتمائنا وتفاعلنا". وقد احتشد آلاف الفلسطينيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية يوم أمس الاربعاء لوداع شاعرهم الكبير محمود درويش الذي صاغ أيضا إعلان الاستقلال الفلسطيني. وتوفي درويش ( 67عاما) في مستشفى بالولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي بعد إجراء جراحة قلب مفتوح له. ووصل جثمان درويش على متن مروحية أردنية من عمان إلى مقر الرئاسة الفلسطينية حيث حمل النعش الملفوف بالعلم الفلسطيني والمغطى بالزهور على سجادة حمراء بينما وقف حرس الشرف الفلسطيني. وكان في استقبال الجثمان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وغيره من المسؤولين الفلسطينيين البارزين ثم حمل الجثمان بعد ذلك على متن سيارة عسكرية وجاب شوارع رام الله. ودفن الشاعر الكبير بعد ذلك في مدفن خاص بقصر رام الله الثقافي فوق تلة تشرف على أراضي الضفة الغربية ومدينة القدس القريبة وذلك بناء على وصيته بعدما أفنى حياته في خدمة الثقافة والشعر والادب.