ماذا يعني سحق أعقاب السجائر تحت الأقدام أو رميها في شوارعنا كما يقول أحدهم؟ منطق غريب أو مليء باللامبالاة، وعدم الاهتمام، أو الاعتياد على قوانين منظمة للحياة السهلة والمريحة ومختلفة عن القوانين المعروفة. لنتخيل أننا استيقظنا على نوعية جديدة من القوانين التي تنتقد دون محاولة اختلاق أعذار؟ أو تأخيرالتنفيذ لأسباب مختلفة؟ فمثلاً هل تنفذ غرامات على من يمارسون الكتابة على الجدران، ويشوّهون جماليات المباني والمنازل، والشوارع الهادئة؟ سيقول أحدهم وأين هم؟ من المؤكد أنهم شباب مراهق، فارغ "بعذره" خلاص انتهى القانون بغراماته، حتى وإن كانت هذه الكتابات مسيئة ونابية ومخجلة. هل ستنفذ غرامات فعلية على من يسيئون معاملة الخدم، ولا يدفعون لهم رواتبهم، تبدأ بمنعهم فعلياً من الاستقدام، وعدم تركهم يتحايلون على الأنظمة بالاستقدام بأسماء آخرين، ومن ثم دفع غرامات مالية موجعة؟ لا أعتقد لأن العذر موجود، فالشغالة تستحق ما يأتيها من سموم العذاب، ومن المؤكد أنها لا تستحق نعمة هذا المعذّب، وثانياً تحمد ربها على هذه الحياة المتوفرة لها. هل ستنفذ غرامات على قاطعي الإشارة فعلية وليست ورقية تلغى بالواسطة؟ هل ستنفذ غرامات على من يتحدث بالجوال أثناء القيادة، أو لا يضع حزام الأمان؟ أم ستنفذ على البعض، ويُتجاوز عن السيارات الفارهة والفخمة؟ هل ستنفذ غرامات مالية على من يدعون اكياس الزبالة في الشوارع مفتوحة ودون أي اهتمام؟ هل ستنفذ غرامات على من يقف أمام الإشارة غير مبال بمن حوله، ومن ثم يقذف بعلبة الكولا، أو كيس بقايا الطعام دون أي احترام لهذه النعمة، أو إحساس بسوء ما يقوم به؟ هل ستنفذ غرامات على من يلوثون مسامع الآخرين بفتح صوت الأغاني بقوة لهم ولمن في الشارع المجاور، ويفتحون النوافذ تعمداً وحتى في أوقات الأذان والصلاة؟ هل ستنفذ غرامات باهظة وفعلية على الشباب الذين يعترضون النساء في الأسواق وتتكرر هذه الاعتراضات بعنف وتعد سافر؟ هل ستطبق غرامات فعلية باهظة على الأطباء الذين يتسببون بمقتل الأبرياء في عمليات بسيطة وبتشخيص خاطئ؟ أو على المستشفيات المتسترة على هؤلاء الأطباء؟ والمضحك أن ما يُقرأ من غرامات تفرض على طبيب، أو مستشفى تسبب في موت برئ بعملية خاطئة مبالغ مضحكة ولا تكفي للتعويض عن خلع سن، وليس خلع روح. ونحن على أبواب شهر رمضان الكريم، والغلاء الفاحش يستشري في عظام الفقراء والبسطاء، هل ستطبق غرامات هائلة لحماية هؤلاء، على من يتلاعبون بالأسعار، ويرفعونها دون أي رقابة، أو حماية للمستهلك الذي لا يمتلك إلا الاستسلام لأدوات هذا الاغتيال المتواصل دون أي قدرة على المواجهة، أو حتى الحماية ممن حوله.