خلال السنوات الماضية تهافت عدد كبير من المواطنين للحصول خلال أيام على شهادات عليا وهمية ومزورة منسوبة لجامعات أجنبية من مكاتب داخل المملكة بحثاً عن وجاهة اجتماعية أو قفزات وظيفية ومناصب قيادية وتؤكد هذه الظاهرة صحفنا المحلية التي لا تخلو من خبر حصول مواطنين على شهادات ماجستير ودكتوراه من جامعات أجنبية معينة وآخرها خبر حصول أحد الأفاضل المتقاعدين الذي قارب سنه الثمانين عاماً على شهادة دكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعة دولية في نيويورك، وحصول أحد الموظفين على مثلوثة شهادات شهية مكونة من ماجستير في العقيدة من جامعة أمريكية، وماجستير في الحديث من جامعة عربية ودبلوم قانون من معهد عربي دفعة واحدة، وحصول موظف آخر وزوجته الزميلة على شهادتي دكتوراه في التخصص والوقت نفسه، واعتراف أحد سماسرة الشهادات أنه أصدر ألفي شهادة من جامعة أمريكية لمواطنين سعوديين. ونظراً لوجود مكاتب في المملكة تعلن عن بيع أو إصدار شهادات عليا في كافة التخصصات خلال أيام أو أسابيع وبدافع الفضول وللتأكد من مكذابيتها وليس مصداقيتها قمت بزيارة أحد هذه المكاتب في مدينة الرياض فوجدته مكتب دعاية وإعلان وأفادني الموظف الوحيد فيه أنه يمكنني اختيار موضوع معين وإعداد بحث صغير باللغة العربية لا يتجاوز عدة صفحات سيساعدني في إعداده ويناقشني فيه وينقل تفاصيل المناقشة للبروفيسورات في لندن وسيمنحونني شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى خلال شهر واحد فقط. ثم توجهت لمكتب آخر ووجدت لديه تسهيلات كبيرة وخدمات سريعة فالمطلوب للحصول على شهادة الدكتوراه من جامعتين في بريطانيا وأمريكا هو صورة شهادة دراسية حتى لو لم تكن واضحة وشهادة خدمة في القطاع الحكومي أو الخاص لثلاث سنوات حتى لو لم تكن صحيحة وسيمنحني شهادة الدكتوراه خلال عشرة أيام فقط. وقبل ختام الجولة توجهت لمكتب يروج لجامعة عربية وأخبرني ان الحصول على شهادة الدكتوراه يتطلب اختيار موضوع وإعداد بحث بإشراف أحد الأساتذة الأفاضل والسفر ليوم واحد فقط إلى مقر الجامعة لمناقشة الرسالة فأوهمته أنني رجل أعمال ميسور وكريم وفي عجلة من أمري ويمكنني استضافة المشرف على رسالتي والمناقشين للزيارة والعمرة لاختيار الموضوع المشرف على رسالتي والمناقشين للزيارة والعمرة لاختيار الموضوع وإعداد الرسالة ومناقشتها دفعة واحدة فوعدني بمساعدتي وبارك لي مقدماً حصولي على الشهادة. بعد هذه الجولة في السوق العلنية لبيع الشهادات الوهمية وصمت الجهات المعنية عنها واكتفائها بعدم الاعتراف بها والتحذير منها فقط دون اتخاذ إجراء جاد لاغلاقها.. تذكرت الكثير من الممنوعات المتداولة كالألعاب النارية التي تكرر الجهات المعنية تحذيراتها وتهديداتها لمستورديها ومهربيها ومروجيها ومستخدميها ورغم ذلك يتم بيعها علناً على أرصفة سوق الحمام الشهير في مدينة الرياض ويتم استخدامها في كافة الطرقات دون أي عقوبة؟ فهل تتكرم الجهات المعنية باغلاق مكاتب بيع الشهادات وطرد العاملين فيها ومنعهم من الاستمرار في استغلال البسطاء والخبثاء وتتبع مسيرة زبائنها الغشاشين المدلسين من منسوبي الجهاز الحكومي ومعرفة مدى استفادتهم وظيفياً منها رغم عدم الاعتراف بها وإلى أي المناصب أوصلتهم؟