انتخب أمس الأحد الدكتور محمد الموساوي رئيسا لمجلس الديانة الفرنسية في فرنسا خلفا لدليل بوبكر. وحاز الموساوي على أربعة وأربعين صوتا من أصوات مجلس إدارة المجلس الأربعة والخمسين. وقد رشحه تنظيم "تجمع مسلمي فرنسا" الذي تأسس عام ألفين وستة لتولي منصبه الجديد. وكان المرشح الوحيد الذي حصل حول شخصه إجماع من قبل أغلب المنظمات والجمعيات الإسلامية في فرنسا. وقد هنأته أمس السيدة "ميشيل أليو ماري" وزيرة الداخلية الفرنسية في رسالة وجهتها له عقب انتخابه في مهامه الجديدة قالت فيها بالخصوص "إني أهنئكم على إجماع مجمل فعاليات الإسلام الفرنسي حول شخصكم. وأعتقد أن خصالكم كرجل سلام وتسامح كانت أساسا وراء اختياركم على رأس المجلس". وشجعت وزيرة الداخلية الفرنسية رئيس المجلس الوطني للديانة الإسلامية الجديد على بذل جهود كبيرة لتسهيل أداء مهام المجلس ولاسيما في ما يخص بناء المساجد وتأهيل الأئمة ومساعدة المسلمين على أداء فريضة الحج إلى البقاع المقدسة. وقالت الوزيرة في رسالتها إنه بإمكان الرئيس الجديد أن يعول عليها لمساعدة المسلمين على أداء شعائرهم الدينية في إطار قوانين الدولة الفرنسية. وقد علمت "الرياض" أمس أن الوزيرة ستستقبل الدكتور الموساوي بعد غد في مبنى وزارة الداخلية لتستمع إلى مطالب المجلس. ويوجد اليوم شبه إجماع لدى المطلعين على واقع المسلمين والإسلام في فرنسا على أن انتخاب محمد الموساوي رئيسا جديدا للمجلس الوطني الفرنسي للديانة الإسلامية خلفا لدليل بوبكر من شأنه فعلا فتح صفحة جديدة في علاقات الدولة الفرنسية مع المجلس وفي العلاقات التي تقيمها المنظمات الإسلامية بين بعضها البعض والتي طبعتها حتى الآن الخلافات الشخصية شبه المزمنة إلى حد أنها شلت نشاط المجلس وجعلته شبيها بقوقعة فارغة بدل أن يكون همزة وصل بين المسلمين في فرنسا من جهة والمؤسسات السياسية والإدارية الفرنسية من جهة أخرى في ما يخص الشعائر الدينية من جهة أخرى. والحقيقة أن في سيرة الموساوي الذاتية كثيرا من العناصر والعوامل التي تجعله قادرا على تحمل مسئولياته الجديدة بشكل جيد. فالرجل مثقف ومتعلم ولديه تجربة ميدانية مميزية وهو ذكي وحريص على استخدام الحوار طريقة للتقريب بين الآراء المتباينة وللتعامل البناء مع مؤسسات الدولة الفرنسية والإدارية. وينتمي محمد الموساوي إلى أسرة مغربية. ويقول إنه تعلم من والده الذي كان معلما القدرة على التركيز والمحاججة الهادئة. بل إنه استطاع من خلال علاقته مع والده تعلم القراءة والكتابة قبل الذهاب إلى المدرسة. وقد تلقى الفترة الأولى من تعليمه العالي في جامعة محمد الخامس في الرباط وتخرج منها الأول في صفه بمرتبة الشرف الأولى مما جعله يحصل على جائزة الملك المغربي الراحل الحسن الثاني عام ستة وثمانين. يعترف اليوم بأنه لم يستلم هذه الجائزة لأسباب كثيرة منها أن الملك الراحل كان وقتها مريضا وأن صاحب الجائزة أي الرئيس الجديد للمجلس الوطني الفرنسي للديانة الإسلامية غير مولع بجمع الألقاب والمفاخرة بها. ويقول أصدقاؤه عنه إنه يخجل كثيرا عندما ينادونه بالدكتور لأنه لا يأنس إلى ذلك خلافا لما جرت العادة في المرجعية العربية لاسيما لدى حاملي الدكتوراه. وقد نال هذه الشهادة في جامعة مونبولييه في الرياضيات. بل إنه نال أيضا شهادة التبريز في هذا العلم وأصبح يدرس في جامعة أفينيون. وفي هذه المدينة، حيث يسكن منذ عام واحد وتسعين التحق بجمعية ثقافية إسلامية. واستطاع بمعية بعض رفاقه تأسيس مسجد فيها يسمى "مسجد البخاري. بل إنه شارك شخصيا في عملية البناء مع عمال كانوا يعجبون لأمره ويقولون له إنهم قلما رأوا مثقفين مشرفين على الجمعيات الإسلامية يشاركون بسواعدهم في ورش البناء لمدة طويلة. وواضح اليوم أن تفاني محمد الموساوي الميداني في خدمة الإسلام والمسلمين في فرنسا قد جعله يحظى بثقة المنظمات الإسلامية التي انخرطت في "تجمع مسلمي فرنسا". وقد أطلق هذا التنظيم عام ألفين وستة وحصل على المرتبة الأولى عقب الانتخابات التي جرت يوم الثامن يونيو الجاري لتجديد المشرفين على المجالس الإقليمية والمجلس الوطني للديانة الفرنسية.