ينعكس مستوى تقدير الذات على تفكير الفرد وسلوكه. ويلاحظ أنه كلما ارتفع تقدير الإنسان لنفسه تطلع لكي يكون مميزًا في المجموعة التي ينتمي إليها بالقيام بأعمال يتعارف عليها أنها رفيعة ونبيلة، كما ينزّه ذاته عن الوقوع في أخطاء توحي بانحطاط في الفكر أو الأخلاق. وعلى النقيض فإن الشخص الذي لا يثق في نفسه ولا يقدرها فإنه لا يدافع عنها كثيرًا ويقبل بظروف لا يقبل بها من يقدر ذاته. ومن المحتمل أن الذي لا يقدر نفسه يمارس بعض الأخطاء الأخلاقية التي يعتقد في أعماقه أنها تناسب شخصيته حتى وإن ادّعى ظاهريًا خلاف ذلك. وهناك نظريات في علم النفس كثيرة عن تقدير الذات، منها على سبيل المثال: نظرية هامشك (1978) الذي يعتقد أن الأشخاص الذين يقدرون أنفسهم هم الذين يرونها فاعلة ومهمة وذات تأثير واضح على الآخرين كما أنهم يثقون بصحة أفكارهم ولديهم شخصيات قيادية قوية ومثيرة للانتباه، بينما يعتقد من لا يقدر نفسه أنه إنسان غير مقبول وبالتالي يشعر بالعجز. ويرى روزنبرغ (1979) أن تقدير الذات هو مفهوم يعكس اتجاه الفرد نحو نفسه وأن احترامه لذاته هو نتيجة اقتناعه بأهميتها ورفعتها المعنوية فيعامل نفسه بمستوى عال من التقدير والكرامة. ويعتقد كوبر سميث (1967) أن تقدير الذات أمر يصعب شرحه لأنه يتضمن دلالات نفسية داخلية في نظرة الإنسان لنفسه وأخرى خارجية في تحليل الشخص لتأثيره على الآخرين ومدى تقبلهم له. وعلى أي حال فهي نظرة يشوبها الكثير من العاطفة لذلك فهي قد تتموج بين الرفض والاستحسان. أما ديمو (1985) فيرى أن تقدير الذات يدل على مشاعر إيجابية تجاه النفس تقود الإنسان نحو النجاح الذي بدوره يعزز تقدير ذاته أكثر مما ينعكس على الآخرين الذين يرحبون به أكثر من غيره، لذلك فهو يرى أن نجاح الشخص يبدأ من نظرته الخاصة لنفسه. وأخيرًا يذكر جارارد (1980) أن الإنسان الذي يثق بنفسه ويقدرها هو الأكثر فعالية في المجتمع والأنجح في نقل خبرات جديدة للآخرين، وهذا ينم عن نضج نفسي وعقلي عالي المستوى. لذلك من المنطقي أن نعتبر من يسمح لنفسه أن يعيش حياة مليئة بالسقطات أنه في بداية الأمر يعاني من اختلال في نظرته الذاتية لنفسه. فهناك من يعيش في بوتقة حياة قاتمة معتمة تغذيها أفكار سلبية مظلمة عن نفسه وقدراته وعن حظه في الحياة وعن الآخرين. لذلك من الصعب على إنسان مهزوز مثل هذا أن يبادر الى عمل شيء مختلف لأنه شخص يحب أن يكون ضمن مجموعة كبيرة يقودها إنسان واضح يشتت الأضواء عن نقصه. وقد تتطرف هذه المشاعر السلبية عند البعض فتجعل منهم أناسًا محبين لأفعال شاذة غير متوقعة منهم، وكأنهم بالقيام بها يحاولون إثبات أهميتهم في الحياة وخطف إعجاب واحترام أشخاص معينين. وهذا يفسر لماذا بعض القتلة والسفاحين يكونون أشخاصًا يعيشون حياة انطوائية غير مثيرة فيعيشون صراعًا نفسيًا يجعلهم يرتدّون على أنفسهم ثم يصلون لمرحلة الانتقام من الآخرين، فالرجل الذي كان يعاني من قسوة أمه أو من رفض المرأة له كرفيق فإنه يقوم بعقاب النساء اللاتي يذكّرنه بعقدته.