ومن المعروف أن الأسعار تعتمد على العرض والطلب. فكلما قل العرض زاد السعر، وعليه يجب تحديد كمية العرض (الإنتاج) لضمان ثباتية السعر عند متوسط الفرد. وفي الجانب الآخر، يجب أن يكون سعر المنتج يتناسب مع معدلات الاستهلاك المائي، فليس من المنطقي أن يباع كليو جرام من الطماطم أو البطاطس بمبالغ زهيدة وهو الذي استهلك كميات كبيرة من المياه، بحيث يجب وضع معدل حدي لقيمة استهلاك الماء لتحديد القيمة الدنيا للمنتج من أجل الاستمرار في الانتاج. وفي الجانب الرابع، ما هي المنتجات التي يجب أن يستمر في إنتاجها.. وما هي طريقة الزراعة المثلى. فزراعة الخضار من الأهمية بمكان، ولكن ما هو النظام الزرعي الأمثل الذي يحقق هدفي الأمن الغذائي والأمن المائي؟ فتكون الإجابة غير جدلية بأن نظام الزراعة في البيوت المحمية الميكفة هو الأمثل والذي يجب أن يدعم وإيقاف البرامج التقليدية.. ولا أجد مبرراً في زراعة الفواكه مثل البرتقال واليوسفي وغيرهما مع انخفاض إنتاجيتهما وعدم مواءمتهما مع معظم أجواء المملكة العربية السعودية واستبدالها بالتمور.. حيث يقدر استهلاك النخلة من المياه سنويا بحوالي 75متراً مكعباً، بحيث يتم استهلاك حوالي 1.5بليون متر مكتب من المياه لإنتاج حولي مليون طن من التمور بقيمة تتجاوز 5مليارات ريال، باعتبار أن عدد النخيل في المملكة العربية السعودية حوالي 20مليون نخلة. هذه الكمية المنتجة من التمور يقدر استهلاكها بحوالي 1% من كمية الأمطار الساقطة. فيمكن استغلال مزيد من كمية المياه الساقطة بالتوسع في إنتاج التمور إلى خمسة أضعاف الإنتاج الحالي مع تحسين المعملات والجودة للمنتج واختير الأصناف الأعلى إنتاجية مع استهلاك حوالي 7.5% من كمية مياه المطار الساقطة. وعند التركيز على هذا المنتج ورفع إنتاجية النخلة من حوالي 50كليو جراماً إلى أكثر من 120كيلو جراماً بانتقاء الأصناف الأكثر إنتاجية والأفضل تسويقاً وتحقيق مردود اقتصادي يفوق 50مليار ريال سنوياً. مع فتح صناعات عالمية للعديد من المنتجات التحويلية. وبالمثل يمكن تقدير الاحتياج المائي لجميع المحاصيل، ومن ثم تحقيق التوازن في تنوع الإنتاج حسب الربحية الاقتصادية ومواءمة المنتج للإنتاج في المنطقة ومنطقية الاستهلاك المائي. ثالثاً: السلامة الغذائية إن المتتبع للحوادث الزراعية في السنتين الماضيتين ليشعر بخطورة الوضع، فمن مصيبة حمى الوادي المتصدع إلى انفلونزا الطيور وأخيراً نفوق الإبل، لقد استنفرت وزارة الزراعة طاقاتها مدعومة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين للقضاء على هذه الأوبئة بأسرع وقت ممكن. ولكن ما هي الأسباب التي أدت إى ظهور هذه الأوبئة في بلادنا؟ هل هو ضعف الرقابة؟ أم قدم واهتراء مختبرات التحليل؟ أم قلة الخبرة لدى العاملين عليها وعدم منجهم الدورات التدريبية المناسبة؟ أم جميع ما سبق؟ أجد من الصعوبة الإجابة على هذه الأسئلة. الذي نعلمه جميعاً أن التسمم الذي قضى على المئات من الإبل كان بسبب خطأ في خط الإنتاج ناتج عن عمالة غير مدربة ولا مسؤولة. بحمد من الله أن النفوق كان في الحيوانات وتم إدراكه لمحدودية مصادر الغذاء، ماذا يمكن أن يحدث لو كان الخطأ في أحد خطوط الإنتاج العذائى المخصص للاستهلاك الآدمي؟ لن أفكر في أبعد من ذلك. وفي الجانب الآخر، نخرج من بيوتنا إلى الأسواق المركزية أو أسواق الجملة من أجل تأمين احتياجاتنا من الخضار والفاكه والدواجن والبيض والألبان وغيرها، ورغم ارتفاع الأسعار فإن الحاجة ملحة لتأمين طعام يومنا وغدانا، ولكن تكمن المصيبة عندما نفاجأ أن الذي تكبدنا عناء الذهاب للحصول عليه، ما هو إلا سم نشتريه بأموالنا لنقتل به أنفسنا قتلاً بطيئاً بلا رحمة.. إن عدم التقيد بالاستخدام الآمن والمقنن من الأسمدة والمبيدات والهرمونات الكيمائية المضافة قد يؤدي لا سمح الله إلى القتل والأمراض المزمنة. فمن هو الضابط والحاكم ومن أجل تحديد وصول منتج غذائى سليم إلينا نحن المستهلكين إن وجد سلعة رخيصة الثمن ملوثة بالمبيدات الكيمائية لمصدر للعديد من الأمراض التي تنفق الدولة ممثلة في وزارة الصحة عشرات الملايين للشفاء منها بسبب بضاعة فاسدة وعمال{ مجرمة ورقابة مهملة. إن وزارة الزراعة هي صمام الأمان بعد الله في تجنيب هذا البلد العديد من الأوبئة وتحقيق السلامة الصحية عبر الغذاء السليم ولا أجد ضيرا في تسمية وزارة الزراعية "بوزارة الصحة الأولية". الخلاصة: أخلص من هذه الكلمات في الآتي: 1- ضرورة تحول وزارة الزراعة من وضعها الحالي المتمثل في تقديم الإرشاد والتوعية الزراعية والاستعداد لمعالجة المصائب عند حدوثها لا قدر الله، إلى كيان موجه وضابط للإنتاج الغذائي ومحدد للاستهلاك المائي من أجل ضمان كمية الإناج اللازمة للمواطن وتحقيق الأمن المائي وعدم استنزافه ومعاقبة العابثين بصحة وسلامة المواطنين من ضعاف النفوس من أبناء بلدنا أو من المخربين من القيمين الذين لا يهمهم إلا جمع المال ولو بقتل الأنفس البريئة. @ يتوجب نشر العديد من مراكز المراقبة في جميع مناطق المملكة مجهزة بالمختبرات الحديثة والخبرات الفنية المتخصصة. @ الربط الالكتروني لجميع وحدات الإنتاج الزراعي بقاعدة بيانات الإنتاج. @ إنشاء وحدة لتقدير الاحتياجات الغذائية السنوية. @ وجود آية تعاون لتنفيذ القرارات الإدارية للمخالفين مع تحديد قانون للمخالفات والعقوبات. @ وجود الدعم المالي المناسب للتجهيز والتدريب والتوظيف، وفق احتياجات الرؤية الجديدة. 2- إنشاء مراكز التميز البحثي لتقدير الاحتياجات المائية لجميع المحاصيل الزراعية في جميع مناطق المملكة. 3- إجراء الدراسات لتحديد كمية مياه الأمطار التي يمكن الاستفادة منها وأماكن تخزينها. 4- إعادة النظر في سياسات البنك الزراعي السعودي، للتحول من التمويل المباشر إلى المشاركة الفاعلة مع المستثمرين الزراعيين، وفق السياسات الزراعية. 5- لا يمكن نجاح طموحات الدولة في تحقيق الأمن المائي والغذائي والسلامة الغذائية دون الاعتماد على التقنية الحديثة بقيادة الأيدي الشابة المعلمة وتطويرها وتوطينها، والذي يلزم إعادة هيكلة البرامج الأكاديمية في الجامعات السعودية للتركيز على الزراعة الذكية. 6- السعي إى استغلال وتطوير الظروف الصعبة مثل استغلال مياه البحار المحسنة في إنتاج الأرز والقمح وغيرهما من المنتجات الاقتصادية. أسأل الله أن يديم على هذا البلد نعمة الأمن والايمان والعيش الرغيد سالمين من الغلاء والوباء. @ عميد كلية حريملاء أستاذ هندسة الآلات الزراعية