من الحقوق السياسية للمرأة: حقها في البيعة والحسبة والشورى والأمان والإجارة والنصيحة وغير ذلك، فقد أجارت أم هانئ رجلا من المشركين، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم أمانها وقال: (قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانئ) (متفق عليه). وهذه امرأة تستوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو خليفة، وحوله الناس، فوعظته وقالت له: يا عمر! قد كنت تدعى عميرا ، ثم قيل لك أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وهو واقف يسمع كلامها. فقيل له في ذلك. فقال: والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خولة بنتُ ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر!! وجعل النبي للمرأة حقها في الخروج للعمل وذلك بالضوابط الشرعية المعروفة، ومن الأدلة على ذلك أن امرأة ابن مسعود كانت ذات صنعةٍ تبيعُ منها وتنفق على زوجها وولدها من ثمرة صنعتها، فسألت النبي فقالت: يا رسول الله إني امرأة ولي صنعة فأبيع منها وليس لي ولا لزوجي ولا لولدي شيء وشغلوني فلا أتصدق، فهل لي في النفقة عليهم من أجر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (لك في ذلك أجر) (ابن حبان). ومن أعظم الحقوق التي نالتها المرأة حقُّها في الحضانة، فقد أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحِجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزِعَه مني فقال: (أنت أحقُّ به ما لم تنكحي) (أحمد وأبو داود). لقد أصلح النبي أحوال المرأة، وبين مكانتها وحقوقها في الإسلام، وأكثر من الوصاة بها، وحذر من ظلمها وقهرها، ومنعها شيئاً من حقوقها وذلك من خلال نصوص عامة هي كمنارات الطريق لكلّ منصفٍ مسترشد وذلك مثل قوله: (إنما النساء شقائق الرجال) (أحمد والترمذي) أي نظائرهم وأمثالهم في الأخلاق والطباع، كأنهن شُققن منهم. وقوله (حُبّب إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) (النسائي)، وقوله: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة - أي لا يبغضها - أن كره منها خلقاً رضي منها آخر) (مسلم)، وقوله: (استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً) (متفق عليه)، وهذا فهم عظيم لطبيعة المرأة وحثٌّ على معاملتها بالرفق واللين والمداراة لا بالقسوة والغلظة. وحذر النبي من ظلم المرأة وجعل ظالمها واقعاً في الضيق والحرج والعنت غير معفوِّ عنه فقال: (اللهم إني أحَرِّجُ حقَّ الضعيفين اليتيم والمرأة) (ابن ماجه). وبين النبي أن خير الرجال هو الذي يُحسن معاملة النساء، فقال: (خياركم خياركم لنسائهم) (الترمذي)، ولم يضرب النبي امرأة قط كما قالت عائشة رضي الله عنها (مسلم) بل إنه عنف الذين يضربون نساءهم فقال: (يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد، ثم يعانقها آخر النهار!) (متفق عليه). وهذا درس تربوي رائع في مراعاة مشاعر المرأة وبخاصة حال طلبها للفراش. إننا نعتقد أن من أهم أسباب معاناة المرأة في مجتمعنا السعودي هو حرمانها من بعض حقوقها الشرعية، وأن أفضل وسيلة لإسعادها وإسعاد المجتمع إعطاؤها تلك الحقوق ومن هنا فإننا ندعوا إلى القيام بحملة توعوية لإبراز تلك الحقوق الشرعية للمرأة السعودية تشمل سائر هجر وقرى ومدن المملكة يشترك في هذه الحملة المعنيون بشئون المرأة من كتاب وإعلاميين ومعلمين وتربويين ودعاة ومصلحين وخطباء مساجد وأصحاب رأي وغيرهم وان تدرس هذه الحقوق للطلاب والطالبات في مدارسهم وجامعاتهم وأن تسهم المرأة بدورها في هذه الحملة، فهذا كفيل بإسعاد المرأة السعودية وإعطائها كافة حقوقها الشرعية وحمايتها من مظاهر الانحراف وسلامتها من كل ما يؤثر على دينها، وهو أيضًا عبادة عظيمة كسائر العبادات التي شرعها الله تعالى. @ أستاذ مشارك بجامعة الملك سعود