صدر حديثاً للباحث تركي بن مطلق القداح العتيبي كتاب جميل المضمون ضئيل المكنون بعنوان: (شعراء العامية في كتاب نزهة الألباب، لمؤلفه: محمد حسني العامري) وهو كما يظهر من عنوانه مستل من كتاب لمؤلف مصري كان يعمل كاتباً في جوازات السويس في أواخر القرن الثالث عشر واسم الكتاب الكامل (نزهة الألباب في تاريخ مصر وشعراء العصر ومراسلة الأحباب) ويكتسب هذا الكتاب أهمية للباحثين في الأدب الشعبي والمهتمين به لعدة أسباب: - إن في ثناياه أشعاراً عامية مختلفة، لعدد من شعراء الجزيرة العربية المشهورين مثل: عبدالله بن رشيد، والقاضي، وابن حميد، ونمر بن عدوان، والظلماوي، والشريف راجح، وابن شعلان، كما يتناول الحديث عن أهل نجد، وأخلاقهم، وأشعارهم، وفيه إشارات لبعض الشخصيات المجهولة. -إن مؤلفه يعتبر من أوائل المؤلفين المصريين الذين اهتموا بالشعر العامي بلهجة أهل نجد ودونوه، وقد أسمى هذا الشعر في هذا كتابه "الحميني". - إن هذا الكتاب من أقدم المطبوعات العربية - إن لم يكن أقدمها - التي تحتفي بالشعر النبطي وتشتمل على بعض من نصوص القصائد المشهورة، حيث إن الكتاب طبع بمطبعة الفجالة في مصر يوم الجمعة 20رجب 1413ه، ولذا فإن تدوينه لهذه الأشعار يترجح على كثير من الروايات المتأخرة، خاصة إذا علمنا أن المؤلف ذكر أسماء الرواة الذين نقل عنهم مثل مبارك البسام، ومحمد الجريفاني، وغيرهم. ويشير القداح إلى أن أول معرفة له بهذا الكتاب كانت من خلال إشارة لأبي عبدالرحمن بن عقيل في كتابه "الشعر العامي بلهجة أهل نجد" ليبحث عنه فيما بعد في دار الكتب المصرية في القاهرة، ويصوره منها في عام 1424ه ليتناولها الباحثون بعد ذلك وكان الزميل صلاح الزامل قد قام بقراءة رائعة لهذا الكتاب من خلال هذه الصفحة في العددين 14061و 14079شكر فيها القداح على إهدائه صورة من هذا الكتاب ولذا فلن نسهب في الحديث عنه. تحدث القداح عن مؤلف الكتاب محمد حسني بن حسن خضر بن شريف العامري الحسيني وذكر وفاته في 1373ه فيما يرى الزامل وفاته في سنة 1372ه وربما أن وفاته كانت في العام الميلادي 1954م، فجاء الاختلاف في تقدير السنة الهجرية، ثم سرد القداح فهرساً بمحتوى كتاب العامري ووضع سنة طبع الكتاب وعدد صفحاته، وأشار الى عمق محبة العامري لأهل نجد، ومصادر المؤلف في تدوين الأشعار، وأهمية الكتاب، والشعراء المذكورين فيه، ليصل إلى بيان منهجه في التعليق على الكتاب حيث قال: "استخرجت من كتاب العامري ما يتعلق بأهل نجد والشعر العامي أو النبطي كما يسمى، ثم علقت على ما ورد في الأشعار من كلمات غريبة وأشرحها مثبتاً هوامش الكتاب الأصل مشيراً في كل هامش أعلق عليه باسمي (تركي)، ورأيت أن أعود إلى بعض مصادر الشعر العامي القديمة، خاصة المخطوطة، لكي أعرف عدد أبيات القصيدة عندهم وأثبت ذلك في الهامش، لعل هذا يفيد الباحث في سهولة الرجوع إلى تلك المصادر، ومقابلة تلك الأشعار، والوصول إلى الرواية الدقيقة". ثم ذكر أهم المصادر المخطوطة والمطبوعة التي رجع إليها ثم ذكرها كاملة في آخر الكتاب. والحقيقة أن هذا الكتيب الذي جاء في 56صفحة قائم على فكرة إتاحة محتوى الكتاب فيما يتعلق بالشعر النبطي بين يدي القراء في ظل ندرة هذا الكتاب وعدم وجوده في المكتبات العامة وإن كنت أتمنى لو عمل القداح على تحقيق النصوص الشعرية وبيان الفرق بين ما ورد عند العامري وما ورد عند غيره من المصادر المتأخرة ليضيف وهجاً الى هذا العمل رغم أن تعليقاته ولاشك مفيدة، ختاماً أشكر الأستاذ القداح على لفت الأنظار لكتاب العامري وإعادته إلى الحياة مرة أخرى.