الكل يعرف أن الحاسبات الشخصية تستخدم الكهرباء لعملها، ذلك لأن الحاسبات تعتمد على التمثيل الثنائي في ترميز البيانات ونقلها وتخزينها. غير أن البعض منا لا يعرف أن الحاسبات الشخصية سيأتي عليها يوم تستغني فيها عن الكهرباء مقابل وسائل للطاقة مبتكرة تستخدم لتمثيل البيانات داخلها. وهذا ما أوردته مقالة في مجلة (newscientist.com) تتحدث فيها عن عشرة تصاميم غريبة وجديدة لحاسبات المستقبل. منها الحوسبة الضوئية (Optical computing) والتي تعتمد على الضوء في تمثيل البيانات داخل الحاسب وتخزينها. فالكل يعرف أن الضوء يستخدم في نقل البيانات أما تخزينها والاحتفاظ بها قد تكون من الأمور الصعبة في علم الفيزياء. ولكن أمثال العالم باول بروان (Paul Braun.) من جامعة إلينوي تمكن من عمل كريستالات ضوئية يمكنها حبس فوتونات الضوء (الفوتون هي أصغر وحدة ضوئية) لمدة معينة. كما أن هناك عالماً في جامعة هارفرد استطاع مع فريقه البحثي عمل ترانزيستور ضوئي. النوع الثاني هي الحوسبة الكمية (Quantum computing) والتي تعتمد في تمثيل المعلومات على الكيوبتّات (Qubits). هذه الطريقة في تمثيل البيانات تستبدل التمثيل الثنائي بحركة الذرات التي تعمل مع بعضها لإجراء ملايين العمليات في آن واحد. وبالطبع كلما زاد عدد الكيوبتات أصبحت طاقة الحاسب الحسابية هائلة جدا وجبارة لدرجة أنه بالإمكان فك تشفير المفاتيح المشفرة بأكثر المعادلات تعقيدا في غضون ثوان معدودة. النوع الثالث من حاسبات المستقبل هي الحاسبات التي تستخدم فكرة (DNA) لعملها. ففكرة سلاسل (DNA) أعطت العالم (Leonard Adleman) من جامعة كاليفورنيا الجنوبية القدرة على حل معادلة رياضية معروفة تدعى مشكلة طريق (Hamiltonian). ويدور المفهوم الأساسي في استخدام DNA في الحاسبات عن طريق استخدام سلسلة DNA لتقبل المدخلات ومن ثم معالجتها وإخراج عدد من المخرجات. ويرى الباحثون في هذا المجال أن يتم نقل هذه الفكرة داخل الجسم البشري لتحويله إلى آلة حاسوبية! النوع الرابع هي الحاسبات التي تستخدم مفهوم الحوسبة العكسية. ويقصد بها أن يتم استخدام مخرجات الدوائر المنطقية في مدخلاتها مرة أخرى، حتى لا تتراكم الدوائر المنطقية ولا تستنفد الطاقة اللازمة لتشغيلها. ويعمل على تحقيق هذا التصور العالم (Michael Frank) من جامعة فلوريدا. النوع الخامس هي الحواسيب التي تحاكي تصادم كرة البلياردو. من المعروف أن الحاسبات اليوم تعتمد على الإلكترونات التي تتصادم مع بعضها داخل الجزئيات المكونة للدائرة المنطقية. ويمكن استخدام نفس فكرة التصادم مع أجسام أخرى مثل قطعة النرد أو الدومينو. فقد قام عدد من الباحثين في شركة أي بي أم (IBM) بأخذ نفس فكرة تصادم كرات البلياردو وتطبيقها على الذرات بحيث تقوم كل ذرة إذا اصطدمت بأختها على نقل المعلومات في مجرى الاصطدام. النوع السادس الحواسيب العصبية. وتقتبس هذه الحاسبات فكرتها من الجهاز العصبي في جسم الإنسان. حيث يتم دمج بعض الخلايا العصبية الحقيقية مع دوائر كهربائية للقيام بوظائف محددة. وهذا ما قام به العالم (Ferdinando Mussa-Ivaldi) من جامعة (Northwestern) في شيكاغو. حيث قام هذا العالم بأخذ بعض الخلايا العصبية من أحد أنواع الأسماك والتي يطلق عليها (lamprey) وربطها بحساسات روبوت لتتحكم بحركتها. النوع السابع هي الحواسيب المغناطيسية. يقال إنه في كل كأس ماء هناك جهاز حاسب إذا وإذا فقط عرفت كيف تتعامل معه. بناء على هذه المقولة تقوم الباحثة (Susan Stepney) وفريقها البحثي في جامعة يورك من المملكة المتحدة بتسليط الرنين المغناطيسي على الماء لتتحكم بحركة جزئياته. وقد استطاعت بهذه الطريقة تمثيل بعض البيانات على شكل ثلاثي الأبعاد. النوع الثامن حواسيب Glooper والتي تعتمد على التفاعلات الكيميائية لتمثيل البيانات. أما النوع التاسع من الحواسيب هي حواسيب الأعفان الهلامية (Slime Moulds) وهي مجموعة صغيرة متباينة من الفطريات غير الحقيقية والتي تشق طريقها إلى مصدر الغذاء. تتميز هذه الأعفان بطريقة ذكية لإيجاد أقصر الطرق للوصول للهدف وهذه الطريقة في حل المشكلة بالنسبة للأعفان الهلامية استخدمها علماء الحاسب لإنتاج خوارزميات ذكاء صناعي أكثر سرعة وكفاءة. أما النوع العاشر والأخير من حواسيب المستقبل هي حواسيب أمواج الماء. فقد قام باحثون من جامعة (Sussex) في بريطانيا بتمثيل الدوائر المنطقية الرئيسة بموجات الماء وتصويرها بكاميرا وتحويلها لمعلومات. ختاماً من الملاحظ أن العامل المشترك بين جميع أفكار الحواسيب العشرة المذكورة آنفا في المقال هو الاستفادة من الظواهر الطبيعية ومحاولة محاكاتها. فلا زلنا نشهد يوما بعد يوم تقدما في مجال الحاسب مصدره الطبيعة من حولنا.