تعودنا في الشعوب النامية، أن "يلمع" الرجل القيادي باستحداث حالة خروج عن المألوف، يكون الناس معها يمثلون حالة "انتساب" إليه، والله أعلم بما تكون عليه النتائج، حيث لا تتوفر رؤية موضوعية نحو مجموع قدرات الأرض وقدرات الإنسان في موقع المجتمع الواحد، ثم بالتالي تكون الاندفاعات إلى الأمام بخطط عمل.. هذا لا يحدث.. لقد عرفنا في افريقيا العربية حالات "خروج" عن المألوف تثير السخرية، ولست في مجال تبادل لكمات مع أحد، لكن مراقبة الأوضاع تضع عقلك وعينيك بداهة على فداحة التفريط فيما هو مألوف.. أما في آسيا العربية فيكفي نمط صدام حسين مثالاً، عندما يصنع من مسحوق الأمة تمثال الرجل المخيف.. دائماً، آسيوياً وإفريقياً، هناك شبح الرجل المخيف الذي أن يقال عنه بأنه صانع المستحيلات والواعد الصادق بمجد قادم ينتظره الجميع لكن بصبر فارغ؛ لأنه لن يأتي.. في أوروبا، في العالم المتقدم، الناس لا ينتظرون وصول معجزة كي يكونوا بشراً على مستوى من الاحترام في رعاية حقوقهم، وحماية مكتسباتهم، والوصول الهادئ إلى غاياتهم؛ لأنهم أساساً ينتمون إلى تكوينات حضارية، لا يستطيع رجل الدول الأوروبية أن يدعي انفراده بوجودها، وهذا أمر معروف.. الملك عبدالله.. هذا الرجل العظيم فكراً، وممارسة، أتى في موعد مصافحة مع القدر؛ كي يضع بين يدي الأمة في بلاده نموذج الرجل الذي يأنس بابتسامة الأطفال، وتتكاثر حوله مشاكل فئات المجتمع، وهو متواصل التجذير؛ لخلق مكونات النجاح لمجتمع يريد أن تتكامل فيه نموذجية الاطمئنان الحضاري، الذي تعيشه مجتمعات التقدم الحضاري في أوروبا.. لقد تحمل أكثر من مسؤولية، ففتح أكثر من مسار إلى ذلك التواجد الحضاري المأمول.. ومن يتعامل مع ضرورات تأسيس مستقبل أمة، هو رجل تعطيه منجزاته بريق الإثارة والتقدير، وليس ما يقوله عن نفسه.. الملك عبدالله، لم يقل عن نفسه - مادحاً - أي شيء، لكنه شدد أكثر من مرة، على ضخامة مسؤوليته في تحقيق ما هو مؤهلة له أمته.. إن الشمول التنموي، لا تطل عليه من نافذة واحدة يقتصر عليها مرأى قوة المستقبل القادم، ولكن، هناك نوافذ عديدة فتحت على ميزانيات، وأصول مشاريع، ومنطلقات خدمات، وتغييرات جوهرية عن كل واقع المنطقة بما هو أرقى وأكبر.. رجل الحوار الذي افتتحه في الداخل؛ لتعارف الفئات النافرة خطأ من بعضها، ويبرهن به حالياً الرغبة الخلاقة عنده، في أن يُوجد مجتمعاً إسلامياً يقاد بالتفاهم والتعاون، لا بالعداوات..