القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    الأمين العام لمجلس التعاون يهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    صقورنا في مهمة عبور (سور) الصين    جابر ل«عكاظ»: الأخطاء الدفاعية ستحسم «الكلاسيكو»    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    إخماد حريق للغابات بمقاطعة "جانجوون" في كوريا الجنوبية    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    العز والعزوة.. فخر وانتماء    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    بدعوة كريمة من ولي العهد.. انعقاد اللقاء الأخوي التشاوري في مدينة الرياض    كأس السعودية للخيل| "سكوتلاند يارد" يتألق بلقب كأس طويق    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم لنزال "The Last Crescendo" اليوم السبت    يوم التأسيس السعودي: ملحمة تاريخية تجسد هوية الوطن    "يوم التأسيس".. ذكرى راسخة لتاريخ عريق.. الشعب يحتفي.. ويفتخر    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    فهد العجلان: يوم التأسيس يجسد مسيرة الكفاح وبناء دولة عصرية    يوم التأسيس: امتداد لحضارةٍ مستدامة وعريقة    «أنوار المباني» شاهد عيان على التنمية المستدامة    يوم التأسيس.. جذور التاريخ ورؤية المستقبل    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    وزير الاتصالات يجتمع بقادة كبرى الشركات العالمية    من التأسيس إلى تنمية الإنسان.. جذورٌ راسخةٌ وقيمٌ شامخة    ذكرى التأسيس.. بناءٌ وتكريس    سفير جيبوتي: التأسيس نقطة انطلاق نحو نهضة حضارية وسياسية عظيمة    السعودية.. «حجر الزاوية» في النظام الإقليمي    مدرب الاتفاق ينتقد رونالدو ودوران    الفتح أول المتأهلين لممتاز كبار اليد    يوم بدينا    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    الخطة أن نبقى أحياء بين المؤسسين عبدالرحمن الداخل ومحمد بن سعود    الماضي ومسؤولية المستقبل    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    «دربك».. أول إطار سعودي يحصل على علامة الجودة ويتجه نحو التصنيع المحلي.    أكاديمية الإعلام السعودية تختتم معسكرها التدريبي "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    أمانة القصيم تطلق 60 فعالية في 38 موقعًا احتفاءً بيوم التأسيس    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر بمنطقة القصيم يلتقي بمكتبه مدير الدفاع المدني    دورة لمنسوبي نادي جمعية الكشافة للحصول على شارة "هواية الصحفي"    «حرس الحدود» بمكة ينقذ مواطناً تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    شرطة الرياض: القبض على يمنيين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة العتيق.. وحديث لن ينتهي عن قسوة الصحراء (2-2)
من قلب الصحراء
نشر في الرياض يوم 03 - 06 - 2008

في الأسبوع الماضي أشرت في الجزء الأول من هذا المقال إلى تزايد أعداد فئة هواة الرحلات البرية وعدم تقدير بعضهم إلى مغبة الإفراط في الثقة بالأدوات والتجهيزات المستخدمة في ممارستهم للهواية مما يوقعهم في حوادث قد تفضي إلى الموت، وتناولت واحدة من أبرز الحوادث في هذا الشأن والتي تتحدث عن أسرة تاهت في صحراء النفود الكبير وعثر (مواطن) على سيارتهم وأربعة من أفراد الأسرة الخمسة بعد أشهر من عمليات بحث قامت بها فرق من الدفاع المدني والمواطنون. لقد تناقل عامة الناس إحدى الصور التي نشرتها الصحف حينذاك تبين الأطفال الثلاثة الذين قضوا في الحادثة مع قصيدة قيل إنها على لسان الأم المطلقة التي تنتظرهم في مكان بعيد عن مسرح الحادثة، وقد أتت فيما بعد في شريط كاسيت للمنشد حامد الضبعان الذي أضاف بصوته المؤثر حزناً فوق الأحزان، ومنها:
يا الله أنا طالبك يا عالم الغيب
إنك تحرمهم على دخلة النار
مالي على قدر الله تعقيب
لكن أخاف يموت باهمالنا كثار
شهرين والأطفال في عالم الغيب
والله لو دوارهم يركب حمار
طفل يعذب فوق شهرين تعذيب
والله عار ولا يجي مثلها عار
يا كيف ناموا ليلة الشك والريب
والصبح كل منهم يدور افطار
تلاصقوا في منظر يطلع الشيب
خموا بعضهم ودهم شوفة الدار
لا يا بعد روحي توفوا على الجيب
عند الله الافطار عند الله الدار
وفي منتصف الشهر الحالي؛ أي بعد عامين من اختفاء رب العائلة المواطن سليمان العتيق، علم أحد أشقائه أن (مواطناً من أصحاب الإبل كان يسير غرب منطقة العليم في النفود الكبير عثر على مجموعة عظام بشرية، وبالمعاينة تبين أن الرفات يقع على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من موقع العثور على السيارة قبل عامين، وعرف الشقيق أن العظام تعود إلى أخيه المختفي باستدلاله على أسنان مصنوعة من الفضة مركبة في الفك الأيمن والأيسر. وقد أكدت نتيجة التحليل الطبي صحة الاستدلال.
في تقديري أن هناك سجلاً بدأ يتضخم في الآونة الأخيرة رصدت فيه حوادث مشابهة لحادثة العتيق وبخاصة خلال هذه الفترة من كل عام، ومع ذلك فإن أنشطة وحملات توعية وتثقيف المواطنين في التعامل مع أخطار الصحراء غير مواكبة لتزايد أعداد المتهورين وغيرهم من هواة الرحلات البرية.
إن الوقوع في دائرة الخطر يكمن في سلسلة أخطاء تبدأ في التساهل بدخول الصحاري والمجازفة بالابتعاد عن الطرق المسفلتة بلا ضوابط، فمهما بلغت مهارة الشخص ومهما كانت معرفته بالصحراء ومهما كانت السيارة المستخدمة مطورة ومجهزة فإن ذلك لا يعني التهور في اقتحام الكثبان الرملية أو قطع مسافات طويلة في مهالك الدروب والمسالك البرية إلا بسيارتين أو أكثر مع المقدرة على التعايش مع المواقف الحرجة في الرحلة البرية وبخاصة إذا تعطلت السيارة، ولعل من المهم الإشارة إلى أن تؤكد عليه التجارب ونتائج الحوادث في أن بقاء الشخص جوار سيارته عندما يتعطل في منطقة نائية هو الخيار الأفضل ومعه تزداد نسبة نجاح الباحثين عنه في العثور عليه لأن السيارة أكبر حجماً منه فضلاً عن أن الشخص يمكن أن يلجأ في أحد خطوات لفت الانتباه إلى إرسال إشارة استغاثة - إذا لم يكن معه أجهزة اتصالات فضائية أو لاسلكية - بفك إطار السيارة ووضعه في مكان مرتفع وإشعال النار فيه حيث إن المادة المصنوعة منها الإطارات تشتعل لفترة طويلة نسبياً وينتج عن ذلك دخان كثيف مما يساعد في الاستدلال عليه ليلاً من ضوء النار أو نهاراً من أعمدة الدخان، أما إذا اضطر الشخص إلى مغادرة السيارة فينبغي أن تكون عملية الانتقال مدروسة بعناية وأن يضع دليلاً كسهم من الأحجار أو الأغصان يشير إلى اتجاه سيره. وهنا سأستند على ما أثبتته التجارب والدراسات في أن الإنسان العادي تخور قواه غالباً خلال المشي لمسافة أقل من ثمانية كيلومترات تحت درجة الحرارة المرتفعة فيفقد كمية كبيرة من سوائل الجسم، وإذا لم يكن معه الماء فإنه يموت عطشاً، وعلى ذلك فإن أي شخص لن يتجاوز غالباً دائرة قطرها 16كم مركزها السيارة التي تم العثور عليها إذا أخذنا في الاعتبار كل الاتجاهات، وهذه الحقيقة لا بد أن يسترشد بها أفراد فرق البحث، ومن الصعب تصور أنهم يقضون في هذه الدائرة المحدودة نسبياً فترات طويلة في عمليات البحث دون العثور على التائه.
في معظم دول العالم تستعين فرق البحث والإنقاذ بالمتطوعين من ذوي الدراية من السكان المحليين، وأمامنا مئات إن لم يكن آلاف من الذين يتفوقون على حديثي التعيين وبعض الأفراد الذين يكلفون بالبحث عن التائهين.. يتفوقون في المعرفة بطبيعة الدروب البرية والخبرة في مسالكها، ولديهم في ميدان الصحراء معلومات ومهارات اكتسبها بعضهم على مدى عشرات السنين، أولئك هم عقلاء من هواة الرحلات البرية، وأعرف تماماً أن لدى الكثير منهم الرغبة في المساعدة والتطوع، ومن السهل انتقاء المتمرسين في كل منطقة وتجميع قاعدة بيانات عنهم تضم مواقعهم وأسرع طريقة للاتصال بهم كي تستعين بهم وقت الحاجة الفرق الميدانية التي تباشر عمليات البحث، فهل يكون الدفاع المدني سباقاً إلى تبني تجميعهم تحت مظلة جمعية تكون نواة إلى أعمال أخرى إيجابية؟
ثمة جانب آخر مهم في تبليغ وتبادل الرسائل بين فرق البحث والتائهين يتمثل في وضع آلية تضمن الاستفادة من أجهزة الاتصال اللاسلكي وتسهيل اقتنائها واستخدامها ما دام أن أجهزة الاتصال الفضائي مرتفعة التكاليف، ولكن قبل ذلك ينبغي أن تعيد هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات النظر في التنظيم المعقد لاقتناء الأفراد للأجهزة اللاسلكية. وقد ثبت بالنسبة للهواة ومن عدة حوادث عايشت شخصياً بعضاً منها في الميدان.. ثبت أن تلك الأجهزة من أهم الأدوات التي تعين التائه في الصحراء على تبليغ نداء الاستغاثة وانقاذ حياته بإذن الله. هنالك الكثير من المقترحات للسيطرة سريعاً على هذا النوع من الحوادث لكنها تحتاج إلى اختصار الوقت في دراستها ووضع آلية لتنفيذها، ورأى أن المتخصصين سيتمكنون من ذلك لوضع جهاز مستقل داخل الدفاع المدني يتولى مباشرة إنقاذ التائهين ويركِّز على الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.
وفي الأسبوع المقبل لنا لقاء من قلب الصحراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.