** عبدالخالق السامرائي..!! القائد والمنظر البارز الذي لعب الدور الرئيس في بلورة شخصية صدام حسين منذ مطلع شبابه.. ما زال مجهولاً. قبل سقوط نظام صدام بنحو عام كتبت دراسة طويلة تهدف لكشف حقيقة دور هذا الرجل.. قدمت الجزء الأكبر منها لهاشم عبده هاشم رئيس تحرير عكاظ "حينذاك" بهدف قراءتها والاستئناس برأيه وإعادتها لصياغتها بشكل نهائي قبل نشرها.. لكنه لم يعدها وربما لم يقرأها.. لكن ما الذي أعاد اسم "عبدالخالق السامرائي" لذاكرتي بعد كل هذه السنين التي توالت أحداثها ودعتني لصرف النظر عن نشر تلك الدراسة التي ما زلت أعتقد بأهميتها تاريخياً على على الأقل. ربما كان شاهد أحمد منصور على العصر الذي يتواصل بثه على قناة الجزيرة.. هو السبب حيث أن الضيف "حامد الجبوري" وزير شؤون رئاسة الجمهورية العراقية منذ تموز 1968م.. مر على اسم عبدالخالق مرور الكرام باعتباره من كبار مثقفي حزب البعث ومن كبار منظريه.. وكذلك - بالمناسبة - فإن حسن العلوي الذي ذكر الكثير من التفاصيل والخلفيات للمؤامرات الصدامية لم يتوقف عند أهم دور لعبه عبدالخالق في بلورة شخصية صدام. لا أريد هنا العودة لتفاصيل دور عبدالخالق - صدام الذي سبق محاولة اغتيال عبدالكريم قاسم في مطلع الستينات.. لكن المهم الإشارة إلى أن مؤتمر حزب البعث الذي عقد في سوريا عام 1962م أقر أهمية دور "العائلة" و"العشيرة" كرافد أمني هام في حال وصول الحزب للسلطة.. وهو ما تم بالفعل في سوريا والعراق الذي كانت إسرائيل أول من أشار إلى خطورة تسلم "التكارتة" السلطة فيه. عبدالخاق السامرائي قسم السلطة في العراق لثالوث "مقدس".. حيث أعطى مسؤولية إدارة "الجمهورية العراقية" لأحمد حسن البكر وفريقه.. تحت سلطة أعلى هي مجلس قيادة الثورة الذي تولى صدام مسؤولية الجانب الأمني منه.. واحتفظ عبدالخالق لنفسه بالجانب الحزبي كسلطة أعلى من الجميع. يقول حسن العلوي إن عبدالخالق هو "درويش" الحزب.. ويقول أن صدام كان يجتمع به يومياً خلال ممارساته لدوره الأمني.. وأنه يكفي أن يبدي عبدالخالق امتعاضه من أحد ما.. حتى يختفي من الوجود في اليوم التالي على يد جهاز صدام. كان عبدالخالق يوزع تعليمات ومطالب "الحزب" بين صدام ورئاسة الجمهورية.. ويكتب وينظر لكل المراحل القادمة والوقتية.. علاقات مع السوفيات.. حكم ذاتي في كردستان.. التأسيس لقيام جبهة وطنية مع الشيوعيين. تأميم النفط العراقي.. تحديد الخصوم الذين يجب على صدام حسين التعامل معهم كقائد "صدامي" خبير ومتمرس. غير أن صدام حسين خيل إليه أنه استوعب "الفكرة" والدروس جيداً.. فعند لقائه عبدالخالق.. تأتي التعليمات و"الأوامر". - الحزب يقول.. الحزب قرر.. الحزب يريد. وعلى ذلك ينفذ صدام وتنفذ رئاسة الجمهورية.. لكن.. من هو "الحزب"..!! كان صدام يعرف أن الحزب ليس سوى "عبدالخالق".. فقرر في 1973م أن يصبح هو الحزب وأمن الحزب.. قبل يكمل الثالوث رئيس جمهورية الدولة.. مستغلاً الغطاء الذي وضعه عبدالخالق بإعادة القيادة القومية التقليدية كغطاء لا أكثر.. وحينها اكتفى صدام بدور الأمين العام المساعد.. الذي لا تحتاج قراراته "الحزبية" لأكثر من إشارة من الأمين العام ميشيل عفلق الذي أكد دائماً أن: - صدام حسين هبة من الله لحزب البعث. غرق صدام في الدم وفي مسنقع "الغباء" الفكري والسياسي والتكتيكي بعد أن أعدم العقل الذي أدار هذا الجانب وأقام دائرة واسعة من العلاقات المميزة مع "القوى الثورية" في العالم كفلت للعراق سمعة "ثورية" حسنة حينذاك. أما الآن وقد انطوت كل ملفات العراق في الأراشيف والكتب.. وحل مكانها ما يحل به حالياً فقد كنت أتمنى على أحمد منصور الجزيرة أن يوقف برنامجه - وكان قد توقف بالفعل - بعد أن استنفد أغراضه وأهدافه.. وأصبح لسان حال من يشاهده يقول ساخراً: - شاهد مين.. وعصر أيه اللي أنته جاي بتقول عليه..!!