حضرت قبل فترة مراسم شرب الشاي الأخضر الياباني في السفارة اليابانية بالرياض، والتي تعتبر احدى العادات الاجتماعية الاصيلة في الأسرة اليابانية التقليدية ولكنها تراجعت مع تطور الزمن. غرفة مراسم شرب الشاي التي دخلنا فيها مع مجموعة من المدعوات للاحتفال عبارة عن ارضيات وأسقف من الخشب ولا تحوي سوى بعض الحصائر المرتبة على الأرض ووعاء الفخار الذي يسخن الشاي فيه. وقد كان الانطباع العام بأن مراسم شرب الشاي لدى هذا الشعب عادية، ليس لها سوى المدلول الاجتماعي المتعارف عليه لدى أغلبية الشعوب في العالم. ولكن عند الاستماع الى أصل هذه العادة الاجتماعية وطقوسها ومدلولاتها، وجدنا بأنها ليست مجرد مناسبة اجتماعية عابرة، فهي تحوي الكثير من التفاصيل الدقيقة والاستعدادات والأصول المتعارف عليها، ولديها مواسمها التي تتغير بتغير الفصول الأربعة. وبالطبع، فمن غير اليابانيين لديه هذه القدرة المتميزة في جعل النظام والدقة جزءاً من تركيبته الاجتماعية حتى في أوقات الترويح عن نفسه والاستمتاع بفنجان من الشاي مع أسرته. لم تملك الحاضرات سوى أن يقارن بين طقوسنا وطقوسهم في شرب الشاي.. ورغم المحاولة الجادة، إلا أننا لم نجد أي وجه للمقارنة! أحد النقاشات المثيرة للاهتمام التي طرحت في منتدى دافوس الاقتصادي عام 2006كان عن مفهوم العقلية الابداعية في دول شرق آسيا، فقد تساءل عدد من الاقتصاديين عن سياسة هذه الدول، وكيف استطاع بعضها النهوض باقتصادها بهذا الشكل الذي ينافس أقوى دول العالم، ورغم كل محاولات عدد كبير من المهتمين والباحثين والأكاديميين لفهم عادات هذه الشعوب، إلا أن بعد اللغة والثقافة واختلاف التركيبة الذهنية فيها سواء عن دول الغرب أو الشرق، جعلها لغزاً محيراً للكثيرين ابتداءً من طقوس شرب الشاي الى كيفية بناء اقتصاد قوي.