متى يجب أن يتخذ المرء قرار الاعتزال؟ بالنسبة لمعظم الناس الذين بلغوا الستين من العمر لا يحتاج هذا القرار إلى تفكير.. فخير البر عاجله لكن في عالم النجومية حيث يدعم خليط من الموهبة والغرور وحب الذات وأحيانا جراحات التجميل الحياة المهنية يبدو القرار أصعب بكثير.ولعل أحدث الأمثلة في هوليوود الممثل هاريسون فورد ( 65عاما) بطل فيلم (انديانا جونز ومملكة الجمجمة الكريستال) ويقوم فيه بدور عالم آثار والذي يبدأ عرضه في أنحاء العالم هذا الأسبوع بعد عرضه عالميا للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي. لكن فورد ليس وحده في محاولة الحفاظ على صورة بطل أفلام الحركة والاثارة الشاب قوي البنية. فما زال نجوم السينما من أيام الستينيات والسبعينيات من آل باتشينو إلى سلفستر ستالون مصرين على الانتصار على الجميع والفوز بلقب البطل حتى لو كان خصومهم أصغر منهم بأربعين عاما. حتى روبرت دي نيرو لعب أدوارا مثيرة للتساؤل في الآونة الأخيرة حيث لعب دور قرصان طائر في فيلم (الغبار النجمي). ويبدو أن قلة مثل جاك نيكلسون ووارن بيتي وكلينت ايستوود تقبلوا فكرة أن وضع البطل بالنسبة لهم قد ولى. فقد اكتفى بيتي الآن بوضعه كنجم يلتفون حوله في مجتمع هوليوود بينما أصبح ايستوود مخرجا حاصلا على جائزة أوسكار ونيكلسون ما زال نيكلسون. اما فورد فأكثر حظا من معظمهم. فبعد سلسلة طويلة من أفلام الإثارة والدراما عاد هذا النجم بدور بلغت إيرادات أجزائه الثلاثة السابقة نحو 1.1مليار دولار على مستوى العالم. وكان آخر أجزاء ثلاثية انديانا جونز فيلم (انديانا جونز والحملة الأخيرة) قبل 19عاما.ويقول لينارد مالتين الناقد والمؤرخ بمجلة (انترتينمنت تونايت) "فجأة أصبح لطيفا مرة أخرى و(صورته) على أغلفة جميع المجلات في امريكا... لكن بدون هذا الدور ربما كان يظل في نفس المركب مع الآخرين". وتردد أن فورد وصانعي الفيلم ستيفن سبيلبرغ وجورج لوكاس أصروا على أن يكون (اندي) بطل الفيلم في نفس سن فورد على ان تقع معظم مشاهد الحركة الصعبة على عاتق شريكه في البطولة شيا لا بيوف البالغ من العمر 21عاما. وربما يكون عنوان اللعبة في هوليوود الآن بالنسبة لبعض النجوم الطاعنين في السن "خذ الفلوس واجري". ووجهت انتقادات لكل من دي نيرو وباتشينو على وجه الخصوص لاختياراتهما لادوارهما السينمائية على مدار السنوات العشر الماضية ومن بينها (غيغلي) و(مصادفة سعيدة) وفيلم (اثنان مقابل المال) وهو اسم على مسمى. ويقول تود مكارثي كبير النقاد السينمائيين لمجلة ديلي فارايتي المتخصصة في شؤون الفن "على دي نيرو أن يعيل أفراد أسرته وهم كثر بالإضافة إلى مهرجان ترايبيكا السينمائي وامبراطوريته الصغيرة من الفنادق والمطاعم". وأضاف "أعتقد أن هذا كان دافعه الرئيسي لأنه في بدايات مشواره الفني بدا حاذقا للغاية في اختيار أدواره والمخرجين الذين يعمل معهم".وتابع مكارثي قائلا: إنه بالنسبة لأشخاص مثل فورد حين تطلق المجلات عليهم لقب "اكثر الرجال جاذبية في العالم" يعطيهم هذا كنجوم صورة يصعب التخلي عنها،وتكون النتيجة مشهداً لنجم في الثامنة والستين من العمر مثل باتشينو محاطاً بالشابات في فيلم ( 88دقيقة) أحدث أفلامه والذي وجه له النقاد انتقادات قاسية. وليس التشبث بالاضواء جديدا على النجوم وفي بعض الحالات من الممكن أن يدر إيرادات غير متوقعة. ففي أوائل الستينيات اشتركت بيتي ديفيز وجوان كروفورد في فيلم نظر اليه حينذاك على أنه فيلم مبتذل إلى حد ما وغير مسل وهو فيلم (ماذا حدث للصغيرة جين؟).ويقول مالتين "حقق الفيلم نجاحا باهرا بحيث أدى إلى موضة للاستعانة بممثلات طاعنات في السن في أفلام خيالية او أفلام رعب...حتى أوليفيا دي هافيلاند وديبي رينولدز وشيلي وينترز شاركت بها". وأشار مالتين إلى أنه بين أفلام هوليوود الشبابية الهوى لا يوجد سوى بضعة أفلام ذات ميزانية كبيرة كتبت لممثلين ممن هم في الستينيات والسبعينيات من العمر.ويضيف مالتين أنه حتى نيكلسون ( 71عاما) "شارك في فيلم كوميدي لآدم ساندلر لكن فيلمه (قائمة الأمنيات) كان اكثر أفلامه عاطفية على مدار عمره".وحقق الفيلم إيرادات عالية عند عرضه واستطاع نيكلسون بذلك أن يجمع بين الأفلام ذات الإنتاج الضخم وافلام الجوائز مثل (حكاية شميت).ميريل ستريب هي الأخرى اشتركت في أفلام دون المستوى لكنها استطاعت أن تتخطى الكبوة وتوسع من نطاق وجودها الكبير بالفعل. فقد ظهرت بجرأة في الفيلم الهزلي (ملتصق بك) ثم سرقت الأضواء دون عناء من النجمة الشابة آن هاثاواي في فيلم (الشيطان يلبس برادا) ولقيت إشادة كبيرة من قبل النقاد.