اطلعت على ما كتبه الأستاذ سعد الدوسري في زاويته الشهيرة باتجاه الأبيض والذي خصص ثلاثة أيام متتالية للحديث عن (المدافعون عن الأخطاء الطبية) حيث تناول أسباب تزايد الأخطاء الطبية والحلول والمقترحات للحد من انتشارها وقد شخص كاتبنا القدير الأسباب في ثلاثة عناصر هي الإداري والمستشفى والطبيب وحملهم كامل المسئولية في الأخطاء الطبية وعدم حصول المريض على كامل حقوقه واني إذا اقدر للكاتب وجهة نظره واتفق معه في كثرة وتزايد الأخطاء الطبية وان السبب في ذلك يعود فعلا إلى كل من الإداري والمستشفى والطبيب إضافة إلي نظام ممارسة المهن الصحية ولائحته التنفيذية والذي يختص بالأخطاء الطبية وطرق التحقيق والمحاكمة فيها والذي وللأسف جعل من الطبيب والمستشفى هم الخصم وهم الحكم حيث إن التحقيقات الأولية والتقارير الطبية تطلب من ذات المستشفى الذي وقع منه الخطأ الطبي فضلا على اقتصار رفع القضايا والشكاوي ضد الأطباء والممارسين الصحيين فقط وأمام الهيئة الصحية الشرعية دون المستشفى حتى أن النظام اغفل القضايا التي ترفع ضد المستشفيات الحكومية والخاصة والتي تكون من اختصاص ديوان المظالم والتي لازالت معلقة في الديوان منذ سنوات نتيجة التداخل في الاختصاصات وعدم اتضاح الرؤية حول هوية الخصم وهل هو الطبيب أم المستشفى وعدم القدرة على تحديد جهة الاختصاص كما أن النظام قصر العقوبات على عقوبات إدارية ومالية فقط لاتتجاوز في العادة الديات المقررة شرعا وان كنت هنا أطالب بالتفريق بين الديات الشرعية لوفيات الحوادث وبين ديات الأخطاء الطبية والتي يجب إن تكون أضعافا مضاعفة لان الطبيب ضامن والمريض يبحث عن الأمل والعلاج ولكنه وللأسف يصدم ذويه بخطأ طبي كارثي!! كما أن النظام أهمل العقوبات التعزيرية حتى ولو اعترف الطبيب بخطئه أو كان مهملا أو متعمدا واغلب المرضى يطالبون بتطبيق القاعدة الشرعية التي تقول (العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص) خاصة أن الهيئة تعتبر هيئة شرعية يرئسها قاض من وزارة العدل ولكنها إداريا تتبع لوزارة الصحة والتي أعدت لائحة تنفيذية للنظام للأسف تحابي الطبيب والمستشفى وترهق الشاكي بكثرة الإجراءات وتعددها وطولها!!! كما أن النظام وفر حماية كبيرة للطبيب المتسبب في الخطأ الطبي بإلزامه بدفع التأمين الطبي ضد الأخطاء الطبية ( 500ريال سنويا تمثل درع حماية للطبيب ضد الأخطاء الطبية) حتى لاتطالة المسئولية وحتى لايمنع من السفر وحتى لايسئل عن أي مبالغ أو غرامات أو تعويضات ربما تحكم بها الهيئة ضده أي أن الطبيب هنا امن العقوبة!!! وفي المقابل فان المرضى المشتكين يعانون الأمرَّين من طول الإجراءات وتعددها وطول فترة المحاكمات والاستئناف والتي تؤدي بهم إلى التشتت والضياع والملل وصعوبة وغموض النظام حيث انه يشتمل على مواعيد نظامية ويحكمه اختصاص زماني ومكاني ونوعي ويتطلب القيام بتعبئة بعض النماذج وإحضار مختلف صكوك الولاية والوراثة وخلافها ومن هنا ونظرا لضعف النظام وعدم قدرته على كبح جماح الأخطاء الطبية فقد استفحلت تلك الأخطاء وتزايدت ولا يمكن وقف جماحها إلا بعد إعادة النظر في النظام وفي العقوبات المقررة وإنشاء محكمة طبية مختصة وتكليف جهة محايدة في التحقيق والمحاكمة بعيداً عن الأطباء والمستشفيات إبراء للذمة وابتعادا عن مجاملات الزمالة وحماية لحقوق المرضى. متمنيا إن تكون المبادرة في سن تشريع إسلامي جديد هنا في بلادنا الغالية ولا ننتظر دولاً أخرى تدرسه وتطبقه ومن ثم نلحق نحن بركبها!! @ محامي ومستشار قانوني مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني