بعد عدد من الحلقات التي استعرضت فيها الأخطاء والمضاعفات الطبية أسبابها وكيفية حدوثها، لابد من طرح الحلول التي أراها في نظري سوف تؤدي إلى التقليل من الأخطاء والتي تتزايد رغم الإحصائيات الموجودة وكما قلت: فإن كثيرا من الأخطاء الطبية غير مسجلة في هذه الإحصائيات نظراً لعدم شكوى المرضى وهناك عدد ليس بالقليل لا يمكن التأكد منه إلا بعد عمل تشريح للجثة، وهذا لا يحدث في المملكة إلا في الحالات الجنائية ولذا فإن الإحصائيات المتوفرة حالياً هي للحالات التي تم فيها شكوى من المرضى. إن الحلول التي سوف أستعرضها هنا قابلة للمناقشة والحوار ومهما خرجت التعليمات والملاحظات إلا أنني كما قلت سابقاً فإننا نرى أن الأخطاء تتكرر وفي نفس المستشفى، لذا فإننا يجب أن نرى حلولاً من زواية أوسع وأشمل، وقد تؤثر بعض من هذه الحلول في إيقاف قسم في مستشفى أو إيقاف مستشفى بالكامل حتى اكتمال متطلبات العمل الذي يضمن التعامل مع الأخطاء الطبية بجدية ومهنية عالية، وكما تحدثت عن اللجان في حلقات سابقة وأنها تؤدي عملها مشكورة ولكن ليس من مهامها متابعة التوصيات التي توصي بها عدا العقوبات للأطباء أو الممرضات وتبقى تعدد الجهات الصحية المشرفة عائقاً كبيراً ومؤثراً في متابعة تلك التوصيات، لذا فإن اقتراح إنشاء هيئة مستقلة للأخطاء الطبية لا تكون تحت إدارة صحية معينة هو الحل الأمثل للتعامل مع الأخطاء الطبية، وأنا أدرك أن توصيات اللجان قد تكون مكلفة للمستشفيات ولكن يبقى المريض هو العنصر الأهم في المعادلة فيجب أن نقدم له الخدمة المميزة أو الجيدة في جميع مستشفيات المملكة سواء كان ذلك في مدينة كبيرة أو قرية صغيرة فالمواطن هو المواطن له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات في أي مكان من بلادنا الحبيبة. وهذا ما تنص عليه جميع القوانين والأنظمة وما ينص عليه ديننا الحنيف. إن مثل هذه الهيئة التي ستعنى بالأخطاء الطبية فقط ولها الحق في التعامل مع الأخطاء الطبية في أي جهة صحية ، وستكون عاملاً مساعداً للجهات الصحية بعكس ما تبدو أنها عائق للجهات الصحية إن هذه الهيئة المستقلة سيكون لها مهام كثيرة منها:- 1- إجراء البحوث والإحصائيات الدقيقة وحصر الأسباب الإدارية والفنية لجميع الأخطاء الطبية. 2- تستقبل الهيئة كل شكاوى المواطنين والمواطنات عن المضاعفات والأخطاء الطبية وبعد نهاية التحقيق وضع التوصيات يتم إرسالها إلى الجهات الصحية ويتم متابعتها. 3- إرسال لجان متخصصة يتم اختيارها من قبل الهيئة في كل حالة خطأ طبي للتحقيق المستقل وبناء عليها يتم عمل التوصيات التي تضمن حقوق المريض والمستشفى وتضمن عدم تكرارها. 4- متابعة تطبيق التوصيات حتى لو أدى ذلك لإيقاف أقسام معينة في مستشفى ما أو إيقاف المستشفى بالكامل حتى تتم تنفيذ التوصيات التي تكفل عدم تكرار الأخطاء. 5- تكون الهيئة الجهة المخولة لمناقشة المرضى وأقاربهم في شكواهم وتحديد المسئوليات. 6- ترتبط اللجان الشرعية الطبية العاملة حالياً بهذه الهيئة لتقرير العقوبات حسب ما جاء في شريعتنا الغراء. 7- تكون الهيئة الجهة المسئولة للتحدث للإعلام بشأن الأخطاء الطبية التي حدثت والرد على ما ينشر في هذا الجانب بكل شفافية وحيادية. 8- التأكد من وجود أقسام فعالة ومؤهلة للجودة الشاملة أو الجودة والنوعية في جميع المستشفيات وتعطى لها الصلاحيات الكاملة، التي يمكنها من القيام بدورها بدون ضغوطات إدارية. 9- من خلال هذه الهيئة وتحقيقاتها يمكن التعرف على كثير من أسباب الخلل في الخدمات الطبية المقدمة حاجة المناطق لبعض المستشفيات، حاجة المناطق من التخصصات المطلوب، ولذا فإن هذه المعلومات سوف تكون مفيدة جداً لأي جهة صحية وخططها الإستراتيجية. 10- تقوم الهيئة بالدور التثقيفي عن الأخطاء الطبية وكيفية التعامل معها والفرق بين الأخطاء والمضاعفات وحقوق المريض والطبيب عن طريق كتيبات ومعلقات وعن طريق الإعلام المقروء والمسموع. إنني واثق تمام الثقة بأن مثل هذه الهيئة إذا ما ركزت عملها على الأخطاء الطبية ومعالجتها، ومتابعة توصيات لجان التحقيق فسوف تكون داعماً قوياً لوزارة الصحة ولجميع الجهات الصحية الأخرى لتقديم خدمات طبية مميزة قليلة الأخطاء في ظل الدعم الكبير للقطاع الصحي من قبل قيادتنا الرشيدة. والله من وراء القصد.