كنتُ مع أحد الأصدقاء في سيارة أجرة يقودها شاب سعودي، ولم نعرف ذلك إلا بعد التحدث إليه لأنه اضطر من أجل لقمة العيش إلى التخلي عن اللباس السعودي. وبعد التعرف على السائق تحولنا نحن الثلاثة داخل السيارة إلى حوار على شكل ندوة مصغرة جداً حول قضية ابتعاد المواطن عن التعامل مع المواطن الآخر سواء كسائق أجرة أو كموظف يتعامل مع الجمهور في مواقع مختلفة. في حالة سائق الأجرة السعودي تحدث لنا عن معاناته مع سائقي سيارات الأجرة غير السعوديين. ثم تحدثنا عن تفضيل الزبون السعودي للسائق غير السعودي، وحاولنا معرفة الأسباب، وذكرنا له وجود انطباعات لدى الناس بأن السائق السعودي يبالغ في الأجرة، وأنه يتدخل في خصوصيات الزبون، فقال ان هذه حالات فردية ومن الخطأ أن تعمم على الجميع فنحن بحاجة إلى دعم وتشجيع وقبل ذلك نحتاج إلى ثقة المواطن، وهو الذي بيده الحل، فلو كان المواطن يبحث عن السائق السعودي لتحولت سيارات الأجرة إلى السعودة بين ليلة وضحاها. وفي المشوار مع صاحبنا سائق الأجرة السعودي، سألته عن طريقته في احتساب تكلفة المشوار، هل هي عن طريق العداد أم ماذا؟ فقال ان الأمر راجع للزبون فهو الذي يختار احدى الطريقتين. فقلت له ان هذه ملاحظة لابد من الاشارة إليها وهي في غير صالح السائق سواء كان سعودياً أو غير سعودي، فلابد من نظام واضح رسمي معتمد يلتزم به الجميع وبحسب تجارب الدول الأخرى فإن العداد هو الحل. ومن سياراة الأجرة ننتقل إلى مجالات أخرى فهل يوجد بيننا من يبحث عن سباك سعودي، أو ميكانيكي، أو نادل في مطعم، أو سائق سعودي الخ.. وهل الأولوية فعلاً للسعوديين كما يقال في الإعلانات عن التوظيف؟ ان المجتمع الذي لا يتفاعل مع توطين الوظائف بالممارسات الفعلية سيكون متناقضاً مع نفسه وهو يوجه النقد إلى وزارة العمل في هذه القضية. أعود إلى ندوتنا المصغرة داخل سيارة الأجرة فأقول اننا اتفقنا ان سيارات الأجرة بشكلها الحالي، وحجم السيارات، وطريقة احتساب الأجرة كل ذلك لا يليق بعاصمة المملكة العربية السعودية بحجمها الكبير، وعدد سكانها، وزوارها للسياحة أو للعمل من كافة أرجاء العالم. ان سيارة الأجرة هي أحد معالم المدينة، والسيارة الحالية لا أجدها مناسبة من الناحية الجمالية، كما أن مستوى نظافتها ضعيف جداً ولهذا لابد من إعادة النظر في المعايير والضوابط التي تقودنا إلى الجودة، ولعل من أهم جوانب التطوير اضافة إلى وجود السائق السعودي فرض استخدام العداد، واستخدام التقنية في تحديد الطريق إلى المكان المستهدف. ما تقدم من سطور هو حصيلة مشوار داخل سيارة الأجرة، وهو مشوار كان قصيراً رغم بعد المسافة فقد قطعنا الوقت بالحوار. وتخيلت السائح الأجنبي وهو يركب سيارة الأجرة مع سائق سعودي يتحدث لغة أجنبية مثل اللغة الانجليزية ويعطي للسائح معلومات عن بلده ومعالمها، ويجيب عن اسئلة السائح بمعلومات صحيحة. تخيلت السائق السعودي المثقف الذي يضيف إلى ثقافته اكتساب مهارة التعامل عن طريق الدورات التدريبية، وقلت إننا أمام مشوار، وطالما ان الهدف واضح فلابد أن نصل.