نجح باحثون في مركز البيئة والمياه بمعهد بحوث جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مؤخراً في تطوير تقنية حديثة لمعالجة المياه الملوثة بالمركبات العضوية، وذلك من خلال تنفيذ مشروع بحثي مدعوم من قبل شركة أرامكو، صرح بذلك وكيل الجامعة للدراسات والابحاث التطبيقية د. سهل بن نشأت عبدالجواد والذي أشار إلى الأهمية الاستراتيجية لمثل هذه الدراسات على المستوى الوطني والتي تساهم بشكل فاعل في تطوير تقنيات نحتاج اليها في مجال معالجة التلوث البيئي. كما أشار مدير مركز البيئة بالمعهد د. علاء الدين بخاري إلى ان المشروع استمر لمدة عامين تقريباً ومثل تعاوناً متميزاً ومثمراً بين ارامكو ومعهد البحوث بالجامعة. وفي معرض حديثه عن المشروع قال الباحث في مجال التلوث البيئي د. بسام الطوابيني مدير المشروع والاستاذ المساعد بقسم علوم الأرض ان تنفيذ المشروع قام به نخبة من الباحثين من معهد البحوث وقسم الكيمياء بالجامعة جنباً إلى جنب مع فريق بحثي من مركز البحث والتطوير بشركة ارامكو، وعلى رأسهم د. نبيل فياض. وأفاد د. الطوابيني ان المشروع تمثل في تقييم فعالية تقنية الاكسدة المتطورة في معالجة المياه الملوثة بالمركبات العضوية وبخاصة مادة ال MTBE المضافة إلى وقود السيارات لتعزيز عملية الاحتراق الداخلي لتقليل انبعاث بعض الغازات الضارة مثل أول اكسيد الكربون. ولكن نتيجة لبعض خواص هذا المركب مثل ذائبيته العالية في الماء فإنه ينتقل مع المياه الجوفية في حالة تسربه إلى هذه المياه عبر خزانات الوقود الأرضية أو شبكات النقل أولانسكابه في اماكن تصنيعه او عند محطات تعبئة الوقود. وتعتمد تقنية الأكسدة الحديثة على الاستفادة من بعض خصائص الأشعة فوق البنفسجية "UV" في قدرتها على توليد جذور حرة كجذر الهيدروكسيل "OH" الذي يتميز بقدرته الهائلة على أكسدة المركبات العضوية وتكسير روابطها وتحويلها إلى ماء وثاني أكسيد الكربون إذا توفرت الظروف المثلى لعملية المعالجة. وتتولد جذور الهيدروكسيل عند تعريض المياه بعد خلطها بمادة مؤكسدة مثل بروكسيد الهيدروجين "H2O2" او الأوزون "O3" إلى هذا النوع من الاشعة. وأضاف د. الطوابيني ان فريق البحث واجه العديد من التحديات في هذا المشروع تمثلت في نوعية المياه الجوفية في المنطقة الشرقية بالمملكة من حيث احتوائها على نسب عالية من الاملاح والتي تقلل من فعالية تقنية الأكسدة الحديثة في إزالة ملوثات مركب ال MTBE. كما كان لوجود تركيز عال من ايون البروميد "Br" في استبعاد استخدام غاز الأوزون من تقنية الأكسدة نظراً لعمله على أكسدة ايون البرومايد إلى مادة البروميت "Bromate-BrO3" الخطرة. وقال د. طوابيني انه تم تنفيذ المشروع على مرحلتين الأولى في القيام بتجارب معملية على مفاعل ضوئي صغير للوصول إلى الظروف المثلى لإزالة مركب MTBEمن مياه جوفية ذات جودة مختلفة مأخوذة من مدن كالظهران والقطيف. وفي المرحلة الثانية تم بناء وحدة معالجة للمياه على شكل مفاعل ضوئي كبير، وقد قام فريق البحث وبالتعاون مع شركة محلية بعمل تصميم متميز لوحدة المعالجة تتناسب ونوعية المياه المحلية المراد معالجتها. وتعتبر هذه الوحدة الأولى من نوعها في المملكة وربما في المنطقة التي تعتمد على تقنية الأكسدة الحديثة في معالجة المياه الملوثة. وأضاف د. الطوابيني ان التجارب الأولية على وحدة المعالجة نجحت في إزالة حوالي 95% من مركب ال MTBEخلال عشرين دقيقة فقط. وبإمكان نقل الوحدة بسهولة إلى الآبار الملوثة لمعالجة حوالي 150لتراً في الساعة الواحدة. وتعتبر تكلفة هذه التقنية مرتفعة نوعاً ما مقارنةً بطرق المعالجة الأخرى الا انها الأكثر فعالية فيما يتعلق بإزالة مركب MTBEمن المياه الملوثة.