@@ من المتسبب فيما آلت له كرة القدم السعودية، فما يمر به منتخبنا الوطني، وما تشهده أنديتنا لا يمكن التعمية عليه فنحن أمام واقع يقول بكل ببساطة أن كرتنا في خطر! @@ حتما لا بد من متسبب، وإلا فكيف بالكرة السعودية التي كانت تبسط نفوذها على عرش الكرة في القارة الآسيوية، وتقف بشموخ على قمة الهرم الكروي في الوطن العربي، وتستحوذ على دور البطولة المطلقة في المشهد الخليجي، وتسجل نفسها كرقم صعب في معادلة الكرة العالمية تتخلى عن هذه السيادة بل وتتراجع إلى الحد الذي يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من القادم المجهول. @@ لست أقول ذلك تهويلا أو مبالغة، فثمة حقائق على الأرض تؤكد أن الكرة السعودية تعيش أزمة حقيقية، ولعل الإخفاق الأخير لفريقي الاتحاد والأهلي في دوري أبطال آسيا مصداق على ذلك، فأن تعجز الأندية السعودية عن تجاوز الدور الأول للبطولة فذلك يعني ان الأمور قد خرجت من عقالها !. @@ وليست معترك الآسيوية هو المقياس الوحيد لتقهقر الكرة السعودية، فقبل ذلك ودعت أنديتها دوري أبطال العرب في وقت مبكر في مشهد لا يتواكب وسمعتها، حيث لم يقدم الوحدة والشباب ما يحفظ لكرتنا ماء وجهها في البطولة، وحتى في دائرتنا الأضيق كان الاتفاق يتخلى عن لقبه الخليجي ويسلمه للجزيرة الإماراتي في صورة تجلي عن حقيقة موقعنا حتى على الخارطة الخليجية. @@ وليس منتخبنا الوطني بأحسن حال من أنديتنا، فالأخضر الكبير الذي طمأننا في الصيف الماضي على صحته حينما وصل لنهائي كأس آسيا قبل أن يخسر اللقب، عاود انتكاسته بعدها بأربعة أشهر حينما قدم أسوأ حضور له في الدورة العربية التي جرت في مصر، وهاهو يواصل كبوته في تصفيات كأس العالم، وليست خسارته بثلاثة نظيفة من أوزبكستان إلا دليل على أنه لا زال يسير في الطريق الخطأ. @@ الانتكاسة التي يمر بها الأخضر ليس وليدة اليوم فهي امتداد للاعتلال الذي لازمه منذ العام 2002يوم أن دخل غرفة الإنعاش بعد مونديال ألمانيا، وما زال يعاودها بين تارة وأخرى، ولعل توديعه في العام الماضي لمنافسات (خليجي 18) من نصفها النهائي وهو الذي كان قد حضر لمسح الصورة التي كان عليها في (خليجي 17) بالدوحة حينما غادر البطولة من دورها التمهيدي يؤكد أن صحته ما زالت على غير ما يرام. @@ ما تمر به الكرة السعودية من انحدار خطير في المستويات وهبوط حاد في النتائج ليست حالة، تتعلق بهذا الفريق أو ذاك، ولا بهذا الموسم دون غيره، وإنما هي ظاهرة تجتاح الأندية جميعها والمنتخبات الوطنية بفئاتها، فالهلال فشل في آخر إطلالة خارجية له آسيويا وخليجيا، وبالمثل فعل الشباب في آخر حضور آسيوي وعربي، ولم يكن الاتحاد والأهلي وكذلك النصر والوحدة بأحسن حال منهما، والأمر ينسحب على المنتخب الأول، وكذلك المنتخبات السنية، حيث واصل منتخبنا الأولمبي إخفاقه في بلوغ الأولمبياد للمرة الثالثة على التوالي، ولم يستطع منتخب الناشئين الوصول لكأس آسيا إلا من بوابة الاحتجاج!. @@ بعد هذا كله، لن أمارس التنظير كما غيري في تشخيص الداء، وادعاء امتلاكي للوصفة السحرية، فكثيرون ادعوا أنهم يضعون أصابعهم على الجرح، وأكثر منهم مارسوا التحليل والتضليل؛ لكن أحدا لم يقل لنا من المتسبب في أزمتنا الكروية إذ ظلت القضية تسجل ضد مجهول. @@ علتنا معروفة، فببساطة لدينا قرارات ارتجالية، وممارسات فوضوية، واحترف مشلول، ومسابقات مرتبكة، وتحكيم في دائرة الاتهام، ومسؤولون في الأندية هم رأس الحربة في إذكاء التعصب وإشعال نيران المشاكل، وصحافة مسيرة، وجماهير محتقنة، وأكثر من ذلك؛ ولكن يبقى السؤال من المتسبب يا ترى؟!