يزداد عدد الجياع في العالم يوماً بعد يوم، مائة مليون جائع أضيفوا في السنوات القليلة الأخيرة إلى مئات ملايين الجائعين والفقراء في الدول الفقيرة، و 33دولة مهددة باضطرابات سياسية واجتماعية، وربما بثورات وحروب داخلية، بسبب نقص المواد الغذائية وارتفاع أسعارها. أهم أسباب استفحال الفقر والجوع، الصراعات السياسية والحروب والاحتكار والفساد والسياسات المالية والضريبية غير العادلة. العالم، إذاً، يغرق في الفقر والجوع، مع غرقه في الدم والحروب، وإذا كانت الدول العظمى تدّعي مسؤوليتها عن قيادة العالم فتغرقه في الحروب والدم، ألا تكون هذه القيادة مسؤولة أيضاً عن إغراقه في الجوع والفقر؟ أم أن "مسؤوليتها القيادية" تقتصر على ذبح الدول من دون إشباع شعوب هذه الدول؟ أليست أولى واجبات القادة أن يشبعوا، على الأقل، المسؤولين عنهم؟ آلاف مليارات الدولارات تُصرف سنوياً على الحروب والمؤامرات وإنتاج الأسلحة وتسويق البغض وإخضاع الشعوب، ولا يُصرف مليار واحد على استصلاح أرض زراعية في دولة فقيرة. آلاف مليارات الدولارات للقتل، ولا مليون واحد لتأمين خبز للجياع. رأسمالية متخمة إلى آخر حدود التخمة، ومع ذلك تسرق لقمة الخبز من أفواه الجياع. مئات مليارات الدولارات لاستكشاف الفضاء، ولا مليار واحد لتعمير الأرض الخربة. مئات المليارات لرؤية ماذا على المريخ، ولا نظرة واحدة لرؤية ماذا على الأرض. فقبل أن تتعرّفوا إلى المريخ وزحل والمشتري وعطارد يا قادة الأرض، انظروا إلى الأرض جيداً واعرفوا ماذا عليها، قبل استكشاف الأمكنة الأخرى استكشفوا جيداً المكان الذي تقيمون فيه واجعلوا الإقامة فيه جميلة. قبل أن تشغفوا بالفضاء أحبّوا مكان إقامتكم، فإذا كان استكشاف الفضاء علماً وحضارة، فإن العلم الأهم والحضارة الحقة هما محبة الأرض أولاً ومن عليها. وقبل ادّعاء نشر السلام بين البشر، حافظوا على الأحياء منهم على الأقل. ويا أيها المتخمون، من لا يشبعه رغيف واحد لا يشبعه قمح الأرض كله، من لا يشبعه رغيف واحد سيبقى جائعاً أبداً.