تماشياً مع توجه المملكة نحو بناء مجتمع رقمي ومعرفي، وموازاة للثورة التكنولوجية والمعلوماتية المتزايدة التي شملت جميع المجالات وعلى مختلف المستويات، أفراداً ومؤسسات، أقرت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس عدة قرارات تتعلق بتوحيد نظم المعلومات الجغرافية الرقمية في المملكة ودعم تطويرها. فمع بداية القرن الحادي والعشرين تغيرت النظرة تجاه كثير من المفاهيم والتصورات الحكومية ومنظماتها، وطرق عملها، بما يحقق رفاهية الإنسان وتقدمه في الاستفادة من تطور التقنية واستخدامها، وقد انعكس التطور السريع الذي تشهده تطبيقات تقنية المعلومات والعلوم المختلفة بشكل إيجابي على مهمة تجميع وإدارة البيانات وسرعة استخدامها في صنع القرار ووضعها بين أيدي مستخدمها وأصحاب القرار، فيما يتعلق بالعديد من المجالات الحيوية والتطبيقية، ومن أهمها المجالات المدنية والعسكرية والخدمية والصحية والنقل والطيران والاتصالات، إضافة إلى تطور المجتمعات الحضرية وتخطيط المدن، مما أدى إلى الحاجة إلى تواجد وتوحيد المواصفات قياسية في هذا المجال لتساعد في سرعة اتخاذ القرار السليم ووضع جميع هذه المعلومات ضمن إطار محدد تبعاً لنوع هذه المعلومات. ومن أهم أشكال تلك التطبيقات نظم المعلومات الجغرافية الرقمية، والذي يعرف بأنه نظام حاسوبي لجمع وإدارة ومعالجة وتحليل البيانات ذات الطبيعة المكانية. ويقصد بكلمة مكانية (spatial) أن تصف هذه البيانات معالم (features) جغرافية على سطح الأرض، سواء أكانت هذه المعالم طبيعية، كالغابات والأنهار، أم اصنطاعية كالمباني والطرق والجسور والسدود. كما يستخدم مصطلح معالم للإشارة أيضاً إلى الظواهر الطبيعية والبيئية مثل المد والجزر والتلوث وغيرها. وتعد الأهداف الرئيسية من تطبيق تلك النظم هي تحديد المواقع المناسبة لإنجاز هدف ما، اعتماداً على شروط ومعايير محددة، مثل العثور على أفضل موقع لإنشاء مطار، أو أفضل موقع لافتتاح مركز تجاري.. إلخ. ويمكن القيام بذلك باستخدام عدد من العمليات المنطقية والتقنية إضافة إلى الاستعلام عن خصائص معالم الخريطة، مثل معرفة الكثافة السكانية لمنطقة إدارية، أو سرعة المركبة المسموح بها على طريق، أو اسم صاحب العقار. وتنجز هذه العمليات في الأغلب بالنقر على المعلم الجغرافي (المنطقة الإدارية أو الطريق أو العقار) فيقوم نظام المعلومات الجغرافية باستخراج سماته من قاعدة البيانات المرافقة ويعرضها. وقد أصبح من الضروري اليوم تواجد جهة تعمل على تعزيز الجهود لتوفير الأسس اللازمة لتوحيد المواصفات القياسية والمعايير الوطنية لنظم المعلومات الجغرافية في جميع مجالات وفرع نظم المعلومات الجغرافية الرقمية مثل هيئة المواصفات والمقاييس ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجهات أخرى. وانطلاقاً من هنا، وفي الإطار، تبذل الهيئة جهوداً كبيرة لدعم هذا الجانب المهم. فقد تم اعتماد عدد من المواصفات القياسية السعودية تربو على 29مواصفة قياسية سعودية، وتبادر الهيئة العربية للمواصفات والمقاييس، تحت رعاية وزير التجارة والصناعة، رئيس مجلس إدارة الهيئة الأستاذ عبدالله بن أحمد زينل علي رضا، عقد ورشة عمل لنظم المعلومات الجغرافية الرقمية في الفترة من 5-1429/5/7ه الموافق من 10-2008/5/13م بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية، وبرعاية رئيسية من شركة Microsoft السعودية وشركة فارسي برو. وتستهدف الهيئة من إقامة هذه الورشة التعريف بنظم المعلومات الجغرافية الرقمية وتقنياتها واستمرار للجهود القائمة من قبل المسؤولين بالهيئة بالاهتمام بوضع المواصفات القياسية لجميع القطاعات المختلفة بما يتماشى مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية WTO. كما يتوقع عرض ورصد أوراق عمل وتجارب متعلقة بنظم المعلومات الجغرافية في العديد من القطاعات ذات المجالات المختلفة بالإضافة إلى المختصين.