اسمحوا لي مضطرة لكتابة هذا المقال الذي يتعلق بأبنائنا، هم أمانة في أعماقنا، نحبهم ونخاف عليهم، ومن خلالهم نحب وطننا ومستقبله.. ليست هذه المرة الأولى ولا أنا الكاتبة الوحيدة التي كتبت عن موضوع قصر اليوم الدراسي، ولا ازدحام الفصول، ولا تكتل المناهج، وتصادم بعضها مع الواقع المعاش، ولا ما كتب وما قيل ويقال عن كثرة إجازات المدرسين وبالأخص المدرسات؛ حيث تم تفعل إجازات (كقيرة) للمدرسات الأمهات الجديدات، بينما لم يؤخذ بالاعتبار سد الفراغ بصورة جيدة. ومع كثرة الإجازات المعتمدة يكون عامنا الدراسي من أقصر الأعوام الدراسية في العالم، وسبق أن عملت دراسات عن أيام الإجازات، وكانت الإجازات كالتالي، أيام الخميس والجمع طوال السنة الدراسية (العطلة الأسبوعية) إجازات الأعياد عشرة أيام لكل عيد، إجازة الربيع خمسة عشر يوماً، وأخيراً عطلة بين الفترتين الدراسيتين، ناهيك عما يطرأ وتضطر الظروف لجعل يوم عطلة أو يومين. هذا العام بالذات كان عاماً دراسياً قصيراً جداً، ويتمثل بالإجازات التالية؛ ناهيك عن إجازات نهايات الأسبوع: بدأت الدراسة في 26شعبان، 11رمضان إجازة اليوم الوطني، 21رمضان حتى 8شوال إجازة عيدالفطر (17) يوماً، من 2ذين الحجة حتى 19منه إجازة عيد الأضحى أيضاً (17) يوماً، يوم الأربعاء 28محرم بدأت إجازة منتصف السنة (الربيع) إلى 9صفر (10) أيام، ومن ثم الإجازة الأخيرة من 3ربيع ثاني حتى 13منه، فتكن (11) يوماً. والمفروض يوم (الأربعاء 21جمادى الأولى بداية العطلة الصيفية وحتى 11شوال بأكثر من ثلاثة أشهر)، وبجمعها تكون 127يوماً غير نهايات الأسابيع. المشكلة ما يتردد اليوم عن تقصير الفترة الثانية لتقليص استهلاك الكهرباء، أثناء فترة الصيف.. حقيقة لا أدري أي عقل فكر هكذا، بدلاً من التفكير بمساعدة وزارة التربية والتعليم على تقوية الطاقة الكهربائية في المدارس، وفي التفكير بتقليص أعداد الطلبة بدلاً من اكتظاظ الصفوف؛ مما يسبب ضغطاً أكبر على أجهزة التكييف التي هي بذاتها متواضعة جداً.. والتفكير بنقل الأبناء بين وقت وآخر لنشاطات رياضية في مناطق مكيفة ومغطاة، ومسابح تكرر ماءها بذاتها، لتلطيف أجسام شبابنا من جهة والمساعدة على تقويتهم جسدياً؛ كما تقويتهم معنوياً وعلمياً ويكون ذلك خارج أوقات الدراسة. لا أدري لماذا لا يتم التفكير في الأسواق التي تعمل تقريباً لمدة أربع وعشرين ساعة، وتلك الأنوار التي تتقافز وتتكاثر، ولا بالأعداد الهائلة من السيارات التي تطلق عنان عجلاتها وتنفث بالوقت ذاته كميات كبيرة من الحرارة تشعل جونا المشتعل أيضاً، ولما يكون عليه الأمر من كثرة الحوادث واستنفار جهد كبير للهيئات الأمنية، لماذا لم يفكر بتقنين وتنظيم هذه الأسواق ومنع عملها بعد العاشرة مساءً مهما كانت الظروف؛ إلا تلك الأسواق التموينية التي تعمل لمدة أربع وعشرين ساعة على أن تكون هناك ضريبة عليها، وكذا يسمح للمطاعم والمقاهي خلال العطل فقط.. إن ذلك يساعدعلى توفير مليارات الطاقة الكهربائية، بدلاً من كونها على حساب مستقبل التعليم والعلم في وطننا. كان لا بد من التفكير في إعطاء فرص أكبر للتعليم وزيادة ساعاته وتوفير سبل الراحة للمعلم والطالب، وبدلاً من تفتق الأذهان بتقليص العام الدراسي أسبوعين، قلصوا استهلاك الكثير من الطاقة ليس في البيوت فقط كبيرها وصغيرها؛ حيث يتم إهدار طاقات بلا معنى؛ ولكن في المؤسسات الحكومية أيضاً.. لماذا يعتبر التعليم هو الجدار الواطي الذي الكل يريد أن يتخطاه.. بينما هو الاستثمار الحقيقي للوطن، لا المساهمات في الأراضي، ولا الأسهم طيراناً وهبوطاً، ولا حتى البترول بأثمن ولا أغلى من أبنائنا ومستقبلهم.. بصراحة كفانا جهلة، وكفانا تجاهلاً، وكفانا مناهج للدراسات الببغاوية. ولنفرض أنه تم إغلاق المدارس قبل أسبوعين، هؤلاء الشباب والفتيان بجنسيهم، هل سيبقون بلاطاقة كهربائية ويستغنون عن النور الكهربائي بالشموع، وعن المكيفات بالمهاف.. أم ترى هي دعوة للسفر المبكر وإهدار ثروات كبيرة في دول العالم من يكرهنا منهم ومن لا يكرهنا.. وهذه المليارات التي تذهب للخارج، وفروها على الوطن، ووفروا سبلاً أخرى للتيار الكهربائي وقننوا الكثير من لزوم ما لا يلزم.