جاءها يجثو برفق فوق عقبات ايامه وكأنه يلهو دون ان يدري بفكره الملاذ المؤقت في بيته وبادرته هي بأسئلة اخبار العمل وكأن العالم لا يسير إلا بتدفق احوال الناس من حوله . "هل تناولت الطعام بعد؟" سألها متشاغلا عن فضولها المنتظر وهو يطرح غترته بعيدا على كرسيه الهزاز . واندمجت هي في سؤاله وقالت بصوت دفاعي ناعم انا؟ تذوقت فقط عند إعداده لماذا هل ابدو لك شبعانة؟ ضحك قليلا وهو يتأمل ثوبها الانيق وفكر بسرعة... حلوة امرأتي عندما تتأنق . فأجاته بدورها بقراءة غير متوقعة "هل يليق على هذا الثوب.. اعني هل هو جميل؟" لابد ان نظراته استوقفتها أجابها بحماس أفرحها اكثر "طبعا يليق.. ماذا لديك اليوم"؟ كان يقصد نوع الطعام ولكن امرأته اصرت ان تحكي عن اخبار الصديقات والجيران في جمل مفيدة . وعندما افاق من غفوة الظهيرة ووجدها مازالت تنتظر كلماته امسك بالجريدة وهو يتناول شاي ما بعد المغرب ليستقر اهتمامه عند تحليلات مشهد الانتخابات الامريكية... آراء لا يناقشها كثيرا مع من حوله نظراً لتفاوت الاهتمامات. كان يريد لحظتها ان يكون زوجا تقليديا لا رفيقا ولكنها مازالت تريد انتباهه.. أفكاره هو . "هه ما الاخبار؟" بادرته بصوت عذب وأجابها دون ان يرفع الجريدة عن وجهه: "لا ادري بعد ، هل شاهدت محطات التلفزيون اليوم؟" كان يدرك بالطبع سر أسئلتها فهي شريكة حياة من نوع يريد شراكة كل شيء الرفقة والصداقة والافكار كما رحلات التسوق ومحاصرته كلما جذبته لقاءات اصدقائه في الاستراحات . باختصار هي مشروع حبيبة وزوجة وصديقة في آن واحد حلم كل الازواج غير ان المشكلة تبدو حقيقة في محور التوقيت بينهما حداثة التجربة وتنقلات الادوار تباعا . كما انه احيانا يحتاج صداقة رجل ومنطقه ايضا. ترى هل تفهم النساء هذا الاحتياج عند ازواجهن؟ الغيرة؟ شيء مرهق بالطبع ولكنه لن يفرح بأمراة باردة المشاعر بالمقابل وغير مبالية... على الاقل امرأته تهتم به من خلال اهتمامها بنفسها وعندما تتناثر شكاوى الازواج من حوله أو على الصعيد الفكاهي المعتاد لا يقدم تجربته متطوعاً فالتجارب الانسانية تتنوع وتختلف والظواهر الاجتماعية التي يعاني منها الناس كما يدعي ابن عمه ويبرهن على فشل تجربته الزوجية كمقياس ليست حجة مقنعة في رأيه.. وفكر متعاطفاً... مسكين صاحبي هذا لم يكن موفقا في تجربته الحياتية . "هل تصدق بأن امور بيتنا في يد الشغالات وان ضجيج وجودهن مع الصغار يجعلني في حالة هروب دائم حتى وان لم اغادر البيت؟" وتشكو زوجته لرفيقتها في العمل "ماذا يريد الناس من المرأة العاملة كيف يريدوننا ان نشارك في مراحل التنمية ولا نبرح البيت لنعتني بأطفالنا؟ واضافت وعندما نستعين بالمربيات يهجونا الإعلام والازواج والمسلسلات يعني ماذا نفعل؟ في البيت الآخر الذي تعمل به الزوجة ولديها اطفال صغار وشقة متوسطة بجانب الحي الذي يقطنه اهلها هي لا تغامر بترك الصغار مع العاملة المنزلية تخاف على ابنائها من هيمنة كل حكايات الايذاء التي تسمع عنها لذلك تتركهم معها تحت رعاية الجدة فقط لحين عودتها من العمل ولأن زوجها انسان يحب ان يشعر بالحرية في بيته فالعاملة بعد ان تؤدي اعمال المنزل تذهب لبيت العائلة القريب فتبقي اجواءهما أقرب للحميمية والدفء العائلي وما يحتاجه المجتمع احيانا هو تناقل تلك التجارب كأمثلة من الممكن الاستعانة بجدواها كحلول فليس هناك ظواهر حياتية دون تحديات نواجهها