في موضوعي السابق تحدثت عن قلق الانفصال وأثره في الطفل، وكيف أنه من الضروري وجود الأم مع طفلها في السنوات الأولى من حياته وفي حالة فراق الطفل لأمه نجد أن ردود فعله تتراوح بين البكاء الحاد والغضب الشديد وفي النهاية وإذا طالت فترة بعد الطفل عن أمه فإن ذلك قد يقضي على تعلقه بها . وحتى الستينيات كانت الأم تجبر على ترك طفلها المريض وحده في المستشفى، ونتيجة لدراسات العالم النفساني بولبي Bowlby فيما يتعلق بموضوع قلق الانفصال وتعلق الطفل بوالدته بدأت أقسام الأطفال في المستشفيات تشجع الأمهات على المكوث مع أطفالهن المرضى .. إن موضوع قلق الانفصال موضوع مهم وخطير ويؤثر إلى حد كبير في نفسية الطفل خاصة في مجتمعاتنا الخليجية حيث تكثر العمالة المنزلية . ولازلت أذكر أنني في مرة زرت صديقة لي ووجدت أن ابنها البالغ من العمر سبعة شهور يحبو ويبكي بمرارة وحيرة ويدور من غرفة لأخرى. وعندما سألت والدته عما به : أجابت إنه يبحث عن العاملة الأندونيسية التي غادرت لبلادها أمس فقط . بالطبع العاملة حضرت للعمل عندهم قبل ولادة الطفل . وبما ان الأم موظفة وبعيدة عن طفلها فإن الطفل تعلق بها .. إن مشاعر الطفل عند فقدانه لأمه أو من يقوم مقامها تشبه بالضبط مشاعرالحداد عند الراشدين . والفرق أن الطفل لا يستطيع التعبيرعن هذه المشاعر. أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض . لذا رحمة بهم وبمشاعرهم حتى نضمن لهم درجة جيدة من الصحة النفسيةوإن كنت أعلم أن كثيراً من الأمهات يعملن من أجل توفير حياة أحسن لأطفالهن ولأسرهن . و أعلم أن كثيراً منهن تعاني من صراع الأدوار بين واجبات الأمومة ودورها الوظيفي . وأتمنى أن يعدل نظامنا الوظيفي للنساء بالذات بما يلائم دور المرأة المزدوج بحيث يتاح للنساء الخيار في العمل إما بنظام الدوام الكلي والذي هو عبارة عن أربعين ساعة أسبوعياً او العمل عشرين ساعة في الأسبوع وذلك مايعرف بنظام الدوام الجزئي وبذلك نعطي الأمهات فرصة للإشراف على تربية أطفالهن والعمل في نفس الوقت . بل إننا لو أخذنا بهذا النظام لساعدنا في القضاء على النسبة العالية للبطالة التي تنتشر بين فتياتنا. ولاننسى أن كل أم هي امرأة عاملة سواء كانت موظفة أو غير موظفة . ولابد أن نقف لها تقديراً واحتراماً وامتناناً .