لنا أكثر من عشرين عاماً لم نستطع أن نحل مشكلة حوادث المعلمات الدامية.. لقد شاءت الظروف المعيشية أن تعمل الفتاة السعودية معلمة في مدرسة قد تبعد عن مدينتها أو قريتها التي تسكن فيها مع عائلتها - تبعد من 100- 200كيلومتر.. وعليها أن تتحمل أعباء السفر في الصباح الباكر ثم العودة بعد الدوام.. وهي لا تشتكي من متاعب السفر في حد ذاته ولكن الشكوى المرة تأتي من تواصل الحوادث المأساوية التي تحدث للمعلمات أثناء التنقل.. سيارات تشتعل فيها الناس، وسيارات تنقلب على الطريق.. وسيارات تصطدم، بلوريات فتتهشم بالكامل وبداخلها هؤلاء المعلمات.. حتى أننا من تكرار هذه الحوادث المؤسفة أصبح الناس يتقبلونها كقدر لا فرار منه.. بل أصبح البعض من كثرة التعود على سماع أخبار هذه الأحداث لا يحرك ساكناً. هكذا.. عشرون عاماً ولا نجد حلاً جذرياً لهذه المأساة التي تفقدنا العشرات من الطاقات المنتجة وتفقد المئات من الأطفال من أمهاتهم.. فليس الحزن وحده ولكن تأثير هذه المآسي. أليس من الإمكان تخصيص سيارات حديثة كحافلات يقودها سائقون متمرسون مع وضع ضوابط للسير والسرعة؟! أليس من الإمكان إنشاء مساكن حديثة ملحقة بالمدارس الموجودة بالقرى والهجر النائية لكي تسكن بها المعلمات أو عوائل المعلمات الراغبات في ذلك؟ أليس بالإمكان القضاء على تجارة نقل المعلمات بالطريقة التي تتم بها حيث نجد حافلات أكل الدهر عليها وشرب ونجد قائدي هذه السيارات من كبار السن الذين أنهكهم المرض، وهو ما يعرضهم لارتكاب الحوادث؟ هل انتهت قريحة الناس لدينا فلم يعودوا يتعرفون على حلول ناجحة لمآسي حوادث المعلمات. نحن نعرف أن ما يحدث للمعلمات يحدث للكثير من المواطنين، ونزيف الطرق على طول وعرض المملكة لن يتوقف بسب عدم وجود لوائح قوية تحكم مرتكبي حوادث الطرق سواء كانت السرعة الجنونية أو كانت عيوباً في السيارة أو كانت عيوباً من الطريق ذاته.. لماذا نقف أمام هذه المشكلات موقف المتفرج السلبي الذي لا يعنيه شيء رغم أن تقارير المستشفيات تقول إن قتلى حوادث الطرق أصبحت تمثل السبب الثاني للوفيات في المملكة بعد الوفيات بسبب كل الأمراض المعدية والمتوطنة والجراحات الخطيرة.. إننا نناشد المسؤولين والمجتمع بوقفة شجاعة ومسؤولة لحل هذه المشكلة وعلى رأسها حوادث المعلمات.