حين نظر الإنسان إلى الخلية تحت المجهر وتعرف عليها وعلى مكوناتها باستخدام آخر تقنيات ذلك العصر من صبغات ملونة وعدسات مجهرية مقربة، لم يكن يتوقع أن مجتمع الخلايا سيأخذه إلى مجال علمي واسع ليس له نهاية. وحين بدأ الإنسان بالتعرف على الخلايا المختلفة وخصائصها كان يظن أنه يملك مفتاح المعرفة. وكما تعلمون فإن للمعرفة مفاتيح كثيرة وطرائق وأوجهاً مختلفة. لعل أول معلومة يدرسها طالب الأحياء أو العلوم تختصر في سؤال محدد؛ ما الذي يجعل خلية العين مختلفة عن خلية الكبد؟ أو بمعنى أصح كيف تتخصص الخلايا لتكوين نسيج معين رغم أنها بدأت من خلية واحدة تنقسم ثم تنقسم ثم تنقسم؟ الإجابات يتعلمها الطالب في كلية العلوم في سنوات دراسته الثلاث أو الأربع حين يتعرف على ميكانيكية عمل الخلايا وعلى اختلافاتها وعلى وظائفها وعلى مكوناتها الداخلية وعلى النظم التي تحكم تواصلها بضعها ببعض وهي معلومات مبهرة خاصة حين تتعرف على مسارات الطاقة داخل الخلية عن الساعة البيولوجية للخلية عن دورة الخلية الحياتية عن شيخوخة الخلايا أو عجزها عن مواصلة عملها عن مستقبلات خاصة في هذه الخلايا لها دور كبير في استجابة الخلايا إلى مؤشرات عصبية أو هرمونية معينة، معلومات كثيرة نختصرها في خلايانا لا تقتصر فقط على الشفرة الوراثية وإن كانت تدور حولها، فالبروتينات الموجودة في خلايا العين التي تختلف قليلا عن ما هو موجود في خلايا الكبد مسؤولة عن الشكل الخارجي للخلية وهي مسؤولة عن وظيفة الخلية وبالتالي هي مسؤولة بشكل ما عن اختلاف هذه الخلايا وعن تناغمها أيضا بعضها مع بعض. خلايا جسدك متناغمة، نعم هي في حالة سلام بعضها مع بعض، ما لم ينقلب جسدك ويهاجم نفسه نتيجة مرض ما، أو ما لم تقرر خلايا جسدك أن تتمرد وتتكاثر لتكون جماعة سرطانية متمردة لا يستطيع جسدك أن يسيطر عليها. وهنا سنتوقف؛ لأن علاج المرض هو هدف كثير من الأبحاث وهو ما يقضي العلماء جل عمرهم في محاولة لتحقيقه. وحين تدرس الخلية المريضة أو النسيج المعطوب قد تعرف أكثر عن الخلية أو النسيج السليم.