تقول المستشارة الألمانية: أنجيلا ميركل في سياق تبرئتها إنتاج الوقود الحيوي الذي يعتمد على المحاصيل من مسؤولية ارتفاع أسعار الغذاء: إن تحسن مستوى المعيشة في الهند والصين هو السبب الرئيس لارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميا، وأن ثلث الشعب الهندي أي ما يعادل ال (300) مليون نسمة، وكذا ثلث الشعب الصيني باتوا يأكلون وجبتين يوميا، وهذا يعني حسب السيدة ميركل أن هذه الوجبة الإضافية هي سبب هذه الكارثة العالمية التي بدأت نذرها تلوح في الأفق، والسؤال الذي أريد أن أطرحه هنا استنادا لرؤية المستشارة، وإن بشكل افتراضي هو: ماذا لو أن تحسن مستوى المعيشة في الهند والصين طال كل شعوب هاتين الدولتين، وليس الثلث فقط من كل دولة؟.. كيف سيكون مصير الغذاء العالمي؟.. لاحظوا أن الإحصائيات تقول إن الهند والصين تشكلان ثلث سكان العالم، وعليكم الحساب !!.. لكننا نتحدث هنا عن تحسن قوامه زيادة وجبة واحدة فقط في معدل استهلاك هذه الطبقة المرفهة.. وجبة واحدة لحوالي (700) مليون، حلقت بأسعار الغذاء، ووضعت مستقبل أكثر من (33) دولة من الدول النامية حسب تقرير صندوق النقد الدولي في مهب الريح فيما وصف بثورات الجياع . السؤال الأهمّ: ماذا لو كان هؤلاء الهنود والصينيون بمواصفاتنا الخليجية، يأكلون عشرين وجبة في اليوم، ولا يعقدون زواجا لشبابهم إلا بقتل ما بين ثلاثين إلى أربعين خروفاً، ولا يقيمون وليمة لشخصين اثنين إلا ب (45) كيلوغراماً من الأرز، ماذا لو كان في أدبياتهم (القدر بالصدر) و(حيّاكم الله على قلّ الكلافة )؟!.. ماذا لو أن هذه الشعوب أرسلت لصناديق نفاياتها من الطعام نصف ما نرسله نحن من فائض كل وجبة؟.. ماذا لو أن هذا التحسن الذي أضاف إلى موائد ثلثهم (ثلثهم فقط) وجبة طعام واحدة امتدّ لينقل عاداتنا الاستهلاكية بقضها وقضيضها إليهم؟.. ترى هل سيبقى على وجه الأرض ماء أو غذاء أو هواء؟.. هل سيجد النمل ثقباً في هذه الأرض يغريه بالعمل والبقاء؟ . قطعا السيدة ميركل لا تعرف شيئا ذا قيمة عن عادات الشعوب الخليجية في الغذاء، أو أنها على الأقل لا تستطيع أن تتصور حجم الهدر المخيف في استخدام الغذاء لشعوب لا يتجاوز تعدادها مجتمعة حجم حي واحد في بلدة صينية نائية. عندي ما يُشبه اليقين (ولا تغضبوا) أننا - وإن لم تقل ميركل - بتقاليدنا وعاداتنا الغذائية جزء رئيس من مشكلة الغذاء العالمي الذي بات يهدد مستقبل العالم.. فهل تعيد أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار صياغة تعاملنا الباذخ في الأفراح والمناسبات مع الولائم؟!.. السؤال موجه للسيدة ميركل وليس لكم، والتي لا تعرف إلا طبق ال(شبارغل)، ولم تستخدم أصابعها الخمس لتعرية عظام خروف !! .