* هل أخبرتكم.. أنني ربيت حزني على الرضا؟! ليس تماماً لكنني أقنعته أن الليل الذي يسكنني موعود بالصباح!! @@@ لا يتأوه الليل.. إلاّ كي يتنفس الساهرون.. إنهم كشمعة متأهبة للموت! الساهرون ترويسة التعب.. عناء الظلال منهكون كآخر القصيدة.. كعقب سيجارة لشاعر ينتظر.. كأغنية خريفية وكموسم منصرم تحن إليه العصافير! لا أعرف عنهم إلاّ أسماءهم في موانئ الساعات وحيلهم الصغيرة على أصدقائهم ومآتم النوم في جفونهم الخافتة.. سقفهم الوجع.. وأنفاسهم من رئتين ضامرتين بالفراغ! يلبسون النهار ويخلعون الليل، لا تتبعهم ظلالهم ولا يغويهم الضوء! يتعاطون الريح والستائر والبحر وأخبار المناطق! يشعلون ركنا في صدورهم.. ويطفئون بالملل رماد أركانهم الأخرى! الساهرون وحدهم فقاعة الظلام التي انفجرت في الصباح، فأدمت الصحو في عيونهم! وجوههم كموائد الملوك وجوعهم استغاثة الفقراء بهم! الساهرون مدن الضياع وطفولة المشيب ليسوا الا اختلاف المواقيت، وشجب المألوف وفاكهة الأحلام الخائبة! أعمالهم لا تنتظرهم ودقائقهم ساعات الضحى وعرق الشجر الأخضر! يتقاذفون فيما بينهم كرات الوجع والحنين وشوارد الظنون! يتهامسون صامتين ويتمايلون مع غناء آخر العمر! الساهرون إدانة الليل بجريمة الظلام في حق الحياة! يعلقون الجرس في رقبة الخوف.. ويفضحون بأصواتهم مخابئ العصافير في أشجار القرى النزقة! ينامون أخيراً من السهر.. ويستيقظون كي يسهروا.