حين نفكر بعفوية وبساطة مصحوبة ببعض السطحية الحميدة لمداواة مشاعر النقص لدينا، وعلى هامش افكارنا سنعتقد ان الفرق بين (العرب) و(الغرب) نقطة لا أكثر، كحد اقصى لدقة الملاحظة، والتدقيق الذي من الطبيعي ان يبدأ باللغة والمفردة لكوننا شعبا من الماضي اشتهر بالفصاحة والبلاغة "في الحديث"، والمهم ان نقف هنا ولا نتعمق اكثر وإلا سنجد أنها اضخم (نقطة) في تاريخ معرفتنا بها، بل انها اشد من تلك التي قد تحور معنى، وتقلبه رأساً على عقب، لتتحول "خيرة" الى "حيرة" مثلاً. البون الشاسع بيننا كعرب وبين الغرب لو قسناه بالمنجزات والتكنولوجيا، والتفكير والعطاء، والتقدمية والعملية، والتبادل المعرفي والثقافي والمادي والإنتاجي لزاد تخاذلنا، واستكنا وخضعنا، وتقهقرنا للخلف اثر ازمة نفسية وفكرية، وصدمة معرفية وواقعية. لفت انتباهي خبر نشر في احد مطبوعاتنا (العربية) يقول الخبر: (ان الراقصة المصرية "فيفي عبده" قد توجهت للمشاركة في ورشة لتعليم الرقص الشرقي بمدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية، وأنها ستلقي محاضرتين عمليتين مدة كل واحدة منها ثلاث ساعات حول فنون الرقص، كما ستشارك في ثلاث حفلات راقصة لثلاثة ايام متتالية، وهذه تعد المرة الثانية لتلك المشاركة الشامخة لتنضم للراقصات الشهيرات الأخريات، ومدرب الرقص المعروف عالمياً محمد الجداوي).. انتهى. .. وبعد ان تنفس العرب الصعداء، وطرحوا السبات، وتثاءبت افكارهم رشحت "فيفي" لتمثل اعظم اختراع وإنجاز حقوقه محفوظة، وبراءة اختراعه مدونة باسمهم!. .. تصدير (الرقص الشرقي) للغرب قياساً بالمستورد منهم اكثر جزالة وحيوية وروح تعتلي المنصات، وتجلجل على اجراس الخلاخل، وتشد وتهز رجال!. انبلج صبح قاتم، وبعد ان تعلم رجالنا الرقص الشرقي واحترفوه غار الغرب وقرروا ان يتعلموه، وبقي ان نرسل من كل دولة عربية وفدا يمثلها، لحضور تلك الملحمة، والمحاضرات القيمة، والمفخرة العربية العظيمة، كما ارجو ان لا يعاتب احدهم فيفي حتى لا تحرجه فتقول: انها دعوة لرفاهية عالمية موحدة لتحقيق سلام عادل وشامل، وأنها على الأقل فعلت شيئا، وبينما ما الذي فعله غيرها من مبادرات لتلاقح الحضارات، وتعايش الثقافات، وإيصال خصوصية الشعوب العربية للغرب وإقناعهم بها؟. .. وبعيداً عن سمو المبدأ، والقيم السلوكية، والرؤى الواسعة الأفق، ومعطيات الموقف، والبحوث في تطورات القضايا في المنطقة، ومستجدات عملية السلام، وسياسة استقبل وودع، ووفق شعار (يضع سره في اضعف خلقه) من يدري قد يكون لسطوة هز الخاصرة فعل وتأثير على الموضوعات ذات الاهتمام المشترك!. كما ان تدشين الحدث لا يمس الفن والحرية الشخصية، ولا الاعتراف برسالته ولكن العجب ان تنحصر دروس العرب المفيدة هناك على ثقافة الرقص الشرقي، وكأنها اعظم وأهم ما لدينا، وأكبر همومنا والأكثر فائدة، مع ان الأصل نحن، وبدأنا واكلموا وتألقوا وبعثوا اكتشافاتنا لنا في حلة جديدة!. .. سباقاتهم على ظهر خيولنا العربية الأصيلة وحصد التميز لراكبها!. اول من اخترع الساعة وعرف قدر الوقت فكر راق، وعقلية فريدة داخل رأس رجل عربي، ومن بعده جاء الغرب وشكل ولون وبدع وأبدع، وأجبر العرب نسائهم ورجالهم الاعتراف بتميزهم بمبالغ نقدية لا حصر لها تدفع على تصاميمهم!. اللؤلؤ استخرجناه نحن، ولم يطيب لنا لبسه باستحسان وشعور بالتميز الا بعد ما اشتريناه منظوم في عقودهم!. اول من انبهر بجمال القمر عرب، تغزلوا فيه بأشعارهم وكرموه بشبه الحبيبة، ثم صعدوا هم له ليشوه تلك الصورة الجميلة، واكتشفوا نتونه، وصخوره، وكل المعاني الجوفاء لكي نفقد حتى تمييز الجمال الرباني!. .. هم سادة ومخترعو المجنزرات، والقنابل ووسائل الدمار الشامل، وهم اصحاب الفكرة والمنفذين لقصص الرعب والاعتداء، ونحن غدونا الإرهابيين المتمرسين في الإجرام!. الحناء لنا والعشبة تنبت على ارضنا، واجدادنا مكتشفوها، وصنع منها سائل لنظافة الشعر كتب خلفه صنع لديهم.. وبذات الطريقة نقلوا النقوش على سجاد يباع باسمهم!.اسلامنا اول من كرم المرأة، وحفظ حقوقها، واكرم مثواها، وسرنا خلف التخبط والمقاصد المتسخة في تحقيق تحرير المرأة التي تبنوها!. لا بأس من تبادل الحضارات، فالأهم التقدم وعمارة الأرض، ولكن هذا التفصيل اعرفه ويعرفه بعض من اترابي، وأجيال قبلنا، وأشك ان يعرفه او يذكره بعدنا اجيال ومن بعدهم اجيال.. ونحن انفسنا بدأنا نتناسى وقد ننسى، وسيأتي من بعدنا خلف تغريهم المدنية، ويشغلهم التطور، وتزغلل اعينهم البهرجة، ويندثر الأصل، لتتابع قطعان الخراف العربية الآدمية في مراعيهم!.