صبية في سن ال 15عاماً تتمتع بنعومة الفتيات وخصائلها وملامحها الأنثوية الخارجية تدرس في مدرسة خاصة للبنات وتتمتع بصحبة رفيقاتها، أصيبت فجأة بآلام حادة في أسفل البطن ونقلت بسببها إلى غرفة الطوارئ حيث عاينها أحد الأطباء وأجرى لها أشعة صوتية على الحوض أظهرت وجود... خصية! (نعم خصية) في الجهة اليمنى. تمت مناقشة هذه الحالة بين أخصائي الأمراض الوراثية وأهل الفتاة الذي ذهلوا عند سماعهم أن ابنتهم قد تكون صبياً! فكيف من الممكن أن تمتلك تلك الصبية خصية رغم أن جميع ملامحها وأعضائها التناسلية الخارجية أنثوية؟ وهل تحتاج تلك الحالة إلى تحاليل إضافية لتثبيتها؟ واذا ما أثبتت التحاليل ذلك فهل يتم استئصال الخصية جراحياً واستمرار تربيتها كصبية أو يجب تغيير جنسها إلى الذكورة؟ هل يمكنها إذا ما استئصلت الخصية، أن تتزوج بعد ذلك والاستمتاع بحياة جنسية طبيعية وأن تنجب؟ هل يجب إخبارها حول وجود خصية في بطنها أو التستر عن ذلك لتفادي حصول اضطرابات نفسية لديها؟ ثمة أسئلة وجيهة ومهمة علينا الإجابة عليها بكل موضوعية وصراحة للتمكن من مساعدة تلك الصبية وأهلها على تفهم مميزات تلك الحالة والتوصل، بالاشتراك مع أخصائيين في الأمراض الوراثية والنفسية والنسائية والمسالك البولية التناسلية إلى التوصل إلى قرار جماعي بالنسبة للمعالجة والمتابعة. إن تلك الحالة تمثل نموذجاً للخنوثة الحقيقية True hermaphroditism التي رغم أنها نادرة في أوروبا وأمريكا الشمالية إلا أنها قد تحصل بنسبة عالية من بين جميع حالات الأعضاء التناسلية الملتبسة في إفريقيا الجنوبية والوسطى، وقد تعود أحياناً إلى عوامل وراثية تشمل بعض العائلات رغم أن معظمها يحصل بطريقة انفرادية وغير وراثية. إنها تتميز بوجود خصية ومبيض عند ذات الشخص خلقياً أي أن الشخص المصاب بها يعتبر ذكراً وأنثى معاً مع تفاوت بين مظهر الأعضاء التناسلية الخارجية بين مريض وآخر حيث أنها قد تتمثل بظهور عضو تناسلي ذكري بحجم طبيعي مع وجود مبال تحتاني صفني قضيبي وتواجد خصية في جهة من الصفن ومبيض مربوط بخصية في الجهة المقابلة. إما بملامح خارجية أنثوية للأعضاء التناسلية مع تواجد خصية ومبيض إنفرادياً أو ملتصقتين معاً في الحوض. وأما في معظم تلك الحالات تكون ملامح الأعضاء التناسلية الخارجية ذكرية مع وجود عضو تناسلي طبيعي الحجم مع إلتوائه إلى الأسفل بسبب تواجد حبال ليفية تحت الجلد وظهور فتحة للمبال التحتاني تمثل فوهة الجهازين البولي التناسلي معاً. وفي بعض تلك الحالات تكون الأعضاء التناسلية الخارجية أنثوية مع تفاوت حجم شطري الشفات أو الصفن، وأحياناً قد تكون الملامح الخارجية عند بعض الشباب ذكرية تماماً حتى سن البلوغ حيث يحدث تضخم الثدي وبيلة دموية شهرية او عند البنات حين يحدث التراجل أو عندما يشكو أحد هؤلاء الأشخاص من العقم ويتم تشخيص الحالة بالتحاليل والأشعة. وأما بالنسبة إلى التشوهات الكروموزومية في تلك الحالات فإن معظمها في إفريقيا يعود إلى تواجد كروموزمات أنثوية طبيعية XX46 بدون ظهور أي تزيق Mosaicism في عددها بينما يكون معدل التزيق عالياً في أميركا الشمالية وأوروبا مع ظهور تعدد الكروموزومات xy46/xxx47 أو كروموزومات ذكرية xy46 وأنثوية xx46 معاً عند ذات الشخص. الفحص النسيجي وكما ذكرنا سابقاً فإن تلك الحالات تتميز بوجود أنسجة خصيوية ومبيضية في الجسم أو كما يحصل في معظمها التصاق الخصية بالمبيض على جهة أو جهتين في الحضور أو في الصفن Ovotestis أو ظهور خصية على جهة ومبيض وخصية لاصقتين معاً على الجهة المقابلة. وفي الفحص النسيجي قد تكون الأنسجة المبيضية منتمية مع وجود بعض الجريبات داخلها ولو بكمية قليلة وقد تحدث الإباضة عند بعض هؤلاء المرضى حين يبلغون سن الرشد. وأما بالنسبة إلى الأنسجة الخصيوية فإنها قد تظهر طبيعية عند الولادة ولكن مع التقدم في السن تفشل نبيبات الخصية في النضوج وتتليف تلك الأنسجة ونادراً ما يتم الإنطاف في بعض تلك الحالات. وأما بالنسبة إلى الإفرازات الهرمونية فهي تترابط مع معدل الأنسجة المبيضية التي تستمر في إفراز الهرمونات الأنثوية على مدى السنين وحتى في سن الكهولة او الخصيوية التي تفرز هرمون الذكورة الذي يكون معدله طبيعياً عند الولادة ولكنه يتدنى تدريجياً مع التقدم في السن. وقد تصاب الأنسجة التناسلية الداخلية ببعض الأورام الخبيثة بنسبة حوالي 4% مما قد يستدعي استئصالها الفوري عند تشخيصها بالأشعة فوق الصوتية أو المقطعية. وعلاوة على وجود الخصية والمبيض في تلك الحالات فإن المجاري التناسلية الداخلية تنطبق عادة على نوع الأنسجة التناسلية الموجودة في كل جهة، إذ إنه قد يظهر بوق مقابل المبيض وبربخ وأسهر مقابل الخصية فضلاً عن أن الرحم، ولو كان موجوداً، يكون رديماً مع غياب عنقه بينما يكون المهبل واسعاً وموصولاً بالاحليل تحت عضلات الحوض. التحاليل المخبرية ويتم تشخيص تلك الحالات باستعمال التحاليل المخبرية كتحديد النمط النووي وعدد الكروموزومات والأشعة فوق الصوتية أو المقطعية على الحوض التي قد تظهر وجود الخصية والمبيض والأشعة بالصبغة على الأعضاء التناسلية الداخلية التي تبين وجود مهبل ورحم وبوق مع تحديد مستوى الهرمون الأنثوي وهرمون الذكورة في الدم والتشدد على أهمية أخذ خزعة بواسطة تنظير البطن او بالجراحة المفتوحة للقند الموجودة داخل الحوض او في الصفن لتحديد نوعه وإثبات وجود خصية أو مبيض أو الاثنين معاً. المعالجة وأما بالنسبة إلى المعالجة التي يجب أن يشترك في اختيارها كل من المريض نفسه اذا ما تجاوز سن البلوغ وأهله وإخصائيي الأمراض النسائية وجراحي المسالك البولية والتناسلية واخصائيي الأمراض الوراثية والنفسية فإنها تشمل اختيار الجنس الذكري اذا ما كان العضو التناسلي ذات حجم طبيعي واذا تواجدت الخصية في الصفن اوا اذا ما كان بالامكان تثبيتها فيه جراحياً ناهيك أن في معظم تلك الحالات يجب معالجة هؤلاء الشبان بالهرمون المذكر طيلة الحياة، وأنه من المستحيل أن يخصبوا. وأما اذا ما تمت تربية بعض هؤلاء المرضى كبنات فإنه من الضروري المحافظة على هذا الجنس خصوصاً في وجود رحم يتنامى ومهبل واسع فضلاً عن أنه من الممكن ولو نادراً، أن ينجح بعض هؤلاء البنات على الانجاب. واذا ما تم الإختيار على التربية الأنثوية يجب المحافظة على المبيض والبوق والرحم واستئصال أية أنسجة خصيوية وتصحيح شذوذ الأعضاء التناسلية الخارجية جراحياً. وأما اذا ما تم الإتفاق على تربية المريض كذكر يجب المحافظة على الخصية وأية أنسجة خصيوية مرتبطة بالمبيض مع استئصال الأنسجة المبيضية وتثبيت الخصية في الصفن واستئصال البوق والرحم والمهبل وتصحيح المبال التحتاني وأحياناً زيادة حجم العضو التناسلي وتقويمه جراحياً للحصول على أفضل النتائج إن شاء الله.