ودعت احدى المعلمات من الإدارة العامة للتربية والتعليم - بنات - بمنطقة القصيم زميلاتها وكذلك طالباتها في احدى المدارس المتوسطة لتحفيظ القرآن الكريم بمدينة بريدة. هذا التوديع لم يكن بمناسبة انتقالها إلى احدى المدارس أو المناطق الاخرى جرياَ على الحركة التعليمية التي تصدرها الإدارة -حركة معلمات - ولا بمناسبة بداية عطلة اسبوعية أو سنوية كل هذا لم يحصل أبداً..! ولكن كان هذا الوداع على الهواء مباشرة وفي كامل الحضور الذهني والحسي وكان ذاك هو الوداع الأخير، والادهى من ذلك أن المعلمة كانت تعلم علم اليقين انها مودعة بدون رجعة.. وماذا حصل بعد ذلك..!؟ كانت تلك المعلمة محبوبة لدى زميلاتها وكذلك امام طالباتها في تلك المدرسة وتمضي السنون وتزداد الألفة والمحبة بينهم إلى أن شاءت قدرة الباري عز وجل أن يصيب هذه المعلمة الوديعة بمرض العصر «السرطان» وكانت بداية الأمر أن تغلبت تلك المعلمة على نفسها ولم تبد ذلك لاحد ومضت بالتدريس لعل وعسى أن يكون ذاك غير صحيح ولكن سرعان ما انتشر الخبيث في جسدها المملوء بالإيمان الصادق حتى أسرت ذلك لمديرتها والمعلمات ومن ثم انتقل الخبر ونزل كالصاعقة على الطالبات غير المصدقات بذلك وبدأت وشوشة الطالبات وغابت المعلمة عن طالباتها لعل وعسى أن تتحسن صحتها ولكن.. وبعد مدة ليست بالقصيرة حضرت تلك المعلمة المسكينة إلى المدرسة وفرح بها الجميع وقالوا لها جميعاً الحمد لله على السلامة.. ولكن فاجأتهم بأنها حضرت للمدرسة «مودعة» وليست «معلمة» فاجهش الجميع بالبكاء وأصبح الجو مشحوناً بالحزن.. ولكن سرعان ما ادارت تلك المعلمة ظهرها إلى بوابة الخروج وهي تلقي نظرات الوداع والفراق على كل طالبة ومعلمة ومستخدمة بل وحتى حيطان المدرسة وخرجت والعبرة تختنق صدرها غير قادرة على نطق كلمة «مع السلامة» إلى الفردوس الأعلى.. وما هي إلا أيام قلائل جداً حتى جاء الخبر المحزن معلناً عن وفاة تلك المعلمة وانتقالها إلى الرفيق الأعلى فما كان من الجميع إلا رفعوا أيديهم داعين لزميلتهم بالمغفرة والرحمة وأن يسكنها فسيح جناته وأن يلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.