مصطلح غربي عرف عالمياً عام 1980يربط بين البيئة والتنمية، ولكن معناه الحالي اشتمل على تضمين السياسات الاقتصادية وحماية البيئة والتنمية الاجتماعية. سمعت شخصياً عن هذا المصطلح، ولأول مرة أثناء دراسة الماجستير في بريطانيا عام 1416ه، وبدون مبالغة لم تكن تخلو أغلب المحاضرات التي كنا نتلقاها في مواد الاقتصاد أو التلوث والتحكم البيئي عن ترديد هذا المصطلح، بيد أن المحاضرين كانوا يشكلون حلقات النقاش لدراسة هذا المصطلح أو أحد مواضيعه. ولا أخفيكم أني كنت أستغرب "في ذلك الوقت" حرص الأساتذة على التركيز على تكرار هذا الموضوع على الرغم من أن الدراسة كانت حول البيئة والتلوث وهي مواضيع حالية تحتاج إلى معالجة فورية حسب ظني. طبعاً عرفت لاحقاً لماذا كان ذلك التركيز على تكرار هذا المعنى والإصرار على ترسيخه في أذهان الطلاب، كونه في نظرهم يعالج ويبحث ويدرس ويتنبأ المستقبل "هناك طبعاً"، أما نحن فنحرص على معالجة الوضع الحالي والمستقبل يتكفل به غيرنا. وسأذكر لكم أسباب قناعتي وقناعة الكثير بأهمية هذا المصطلح وتطبيق معانيه. فمن خلال إجراء بحث عن (التنمية المستدامة) باللغة الانجليزية (Sustainable development) بواسطة محرك (جوجل) كانت النتيجة (58.000.000) ثمانية وخمسين مليون موقع تحوي هذه الكلمة. بينما كانت النتيجة عند البحث بالمعنى العربي (157.000) مئة وسبعة وخمسين الف موقع فقط، أي ما يقارب ربع العشر في المائة بالمقارنة بنتيجة البحث باللغة الانجليزية، ولهذا مؤشر في نظري بمحدودية انتشار هذا المصطلح والبحث فيه لدى الاخوان العرب مع الأسف.. من جهة أخرى قمت بالبحث عن عدد المواقع على الشبكة التي يحمل عنوانها هذا المصطلح أو جزءا منه في (الدومين نيم) فوجدت 3200موقع. دعونا الآن نقرأ ترجمة معنى هذا المصطلح من موقع (وكيبيديا) الشهير حيث عرف على انه: (توفير احتياجات التنمية الحالية مع عدم التعرض لاحتياجات التنمية للأجيال القادمة)، معنى في منتهى القوة يدعونا إلى أن نفكر في مستقبل الأرض بيئة أجيالنا القادمة واستثمار ثرواتها بطريقة تحفظ مقومات التنمية لأبنائنا. طبعاً المصطلح كما ذكرنا بمعناه الحالي يتحدث عن الاستدامة أو الاستقرار في النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية كونها أركان عمل الإنسان المدني التنموية. ومن خلال استعراض الجوانب البيئية لمعنى الاستدامة كما يهتم بها الغرب نلاحظ انها تشمل بعض النواحي البيئية التالية: (مراقبة تلوث الهواء، التحكم في تلوث الهواء، الطاقة البديلة، كفاءة استخدام الطاقة، معالجة مياه الصرف الصحي، تكنولوجيا الهيدروجين، إعادة تدوير النفايات، إدارة النفايات، تقييم الأثر البيئي، ترشيد استخدام الأسمدة، المحافظة على الغابات، الوقود البيولوجي، حفظ الطاقة، التصميم والتخطيط البيئي، المباني البيئية، مكافحة التصحر والجفاف... الخ).. والمزيد من المعاني التي تتبناها الحكومات والمنظمات بل والأفراد لقناعتهم بأهمية تكوين منظومة العمل التنموي على أسس مستقرة تحمي استنفاد الموارد الطبيعية وتضع قواعد حماية هذه الموارد.. إن غرس هذه الثقافة وتعليمها لأجيالنا الحالية، بات أمراً ملحاً في ظل تزايد عوامل التدهور البيئي ذي الأثر المرتبط بسلامتنا وصحة أجيالنا في ظل اتجاه مواردنا الطبيعية إلى النضوب بسبب الاستنفاد الجائر لها وكأن أجيالنا القادمة ليس لها حق في هذه الموارد. إن التنمية لدينا تحتاج إلى استفاقة بعد الاستنامة التي تعيشها على الأقل على المستوى البيئي ذي الأثر الملموس بتفعيل وتطبيق الأنظمة البيئة التي يبدو انها وضعت لا لنطبقها في وقتنا الحاضر ولكن كأنها مكتوبة ليطبقها الجيل القادم مع أن الأساس أنها مكتوبة ليستفيد من نتائج تطبيقها أجيالنا القادمة. ولكي أثبت لكم مدى أهمية هذا المصطلح في المجتمع الغربي على مستوى المطبوعات والنشر قمت باجراء بحث على موقع (أمازون) الشهير ببيع الكتب والمطبوعات على الشبكة فوجدت ما يقارب (7000) (سبعة آلاف) كتاب تحمل هذا الموضوع على العنوان أو بين ثنايا الكتاب. بالإضافة إلى (11) مجلة علمية متخصصة في التنمية المستدامة. الكثير منا له تجربة أو مشاهدة على المستوى البيئي عند السفر إلى بعض البلدان الغربية أو الشرقية المتقدمة، فقد يلفت النظر انتشار الحاويات المخصصة لفرز النفايات ومشاركة الأفراد في الاستفادة من هذه الخدمة، وهي ثقافة متصلة بالتنمية المستدامة بطريقة غير مباشرة تشترك فيها الجهات الحكومية والأفراد. وهناك مظاهر عديدة في هذه الدول غير محسوسة بالنسبة لنا تدور أحداثها داخل معامل البحوث أو قاعات الدروس أو أروقة المحاكم أو مجالس الشورى والبرلمان تحمل معاني التنمية المستدامة على مختلف أشكالها.. أتمنى أن أرى مظاهر التنمية البيئية المستدامة في بلادي الحبيبة.. والله الموفق.. @ ماجستير علوم بيئة تطبيقية