قدَّم فريق الشباب مثالاً رائعاً للفرق الكبيرة التي تبحث عن النصر حتى وإن غابت طموحاته في المنافسة على لقب الدوري الممتاز، فظهر هذا الفريق الشاب المرصع بالمواهب أمام الاتحاد في جدة، ثم أمام الهلال مرتين فريقاً كبيراً منظماً بحث لاعبوه عن الفوز على المتنافسَيءن الوحيدين على اللقب الأهمّ، وكان بحقّ سبباً مباشراً في أنء تظلَّ الإثارة باقية حتى المباراة الحاسمة الأحد المقبل، ولاشك أن الفريق الأبيض سجل حضوراً ملفتاً، ولم يمنع خروجُه من المنافسة على البطولات الثلاث من القول بأنه أفضل الفرق السعودية، وأكثرها ثباتاً في المستوى وسيكون له شأن كبير الموسم المقبل وقبله كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، وأعتقد أن الشباب يستحقّ التقدير من الجميع؛ لا التقريعَ الذي خرج به علينا مدير الكرة الهلالي يستغرب حماس الشبابيين، وحرصَهم على الفوز، وكأنه يريد أن يفتح خصمُه الطرقَ المؤدية للمرمى بحجَّة خروج الفريق من المنافسة. لقد ساهم الشباب في إبقاء الإثارة بالدوري الممتاز حتى الرَّمق الأخير لأنه فريق كبير قوي يحترم نفسَه وتاريخه وجماهيره، وكان له الدور الأكبر في بقاء الإثارة رغم إلغاء نظام المربع الذهبي، وكلّ عشاق المتعة الكروية سعيدون بالوضعية التي آلت عليها الأمور قبل الجولة الأخيرة خاصة وأن مباراة تاريخية مُنتظرة لم تكن لتحضرَ لولا الحضور الشبابي المثير. الاتحاد والهلال عملاقا الكرة السعودية يفرضان تكرار الحسم في دوري النقاط على طريقة النهائيات الشهيرة، نظير التنافس الشديد، وسباق النقاط المحتدم بينهما الذي بدأ مع انطلاق المسابقة؛ فرَّطا خلال المشوار بنقاط سهلة، وكسبا مباريات من الوزن الثقيل؛ غير أنَّ فارق النقاط الثلاث قبل مواجهة الحسم يؤكد أنَّهما بالفعل رائعان ويستحقَّان ثناء الرياضيين. في مواجهة الحسم لا يمكن لأحد أن يؤكد جازماً قدرة أي منهما على تحقيق ما يريد حتى وإنء دخل الهلال بفرصة واحدة هي الفوز فقط، مع اكتفاء الاتحاد بالخروج بالتعادل، فمسرح الحدث التاريخي (جدة) لا يمثِّل الكثير للاتحاديين، ولا يضير أبداً بني هلال في ظلِّ جماهيريتهما الطاغية في كل الأرجاء وسبق لكل منهما هزيمة الآخر على أرض خصمه في مواقف عديدة، بل إنَّ الاتحاد الموسم الماضي قلَب الطاولةَ على الهلاليين بالرياض وأحرز كأس دوري خادم الحرمين الشريفين في آخر نُسخ نظام المربع الذهبي. من النظرة الأولى لحال ووضع الفريقين قبل المواجهة تبدو حظوظ الاتحاد وافرة لكنني متأكدٌ أن الهلال لن يقبل بالوصافة للمرة الثانية بسهولة خاصة أنَّ الفريق الذي يخوض مباراة بفرصتي الفوز أو التعادل تتزايد الضغوطات النفسية على لاعبيه، في ظلِّ تعامل جماهيره على أنه البطل الأكثر ترشحاً من منافسه وعلى الطرف الآخر تزيد الفرص الأقلَّ من جهود اللاعبين بحثاً عن تحقيق الأصعب وهو ما أشار له طارق التايب بعد اللقاء الأخير. الاتحاد مطالب بالخروج من أزمة أدائه المتواضع الذي تسبب في خسارته (آسيوياً) في إيران، ودفاعاته، وحراسته المهزوزة التي شاهدناه عليها، والهلال يحتاج لاختيار التشكيل المناسب في منطقة الوسط وتهيئة (ياسر) لياقياً؛ وإن كان دفاعُه ليس أفضل حالاً من الاتحاد إلا أنَّ حارس مرماه المتألق الدعيع يخفي الكثير من العيوب الزرقاء. لا يهمني إلى أين سيتجه اللقب، لكن الأمنية الكبيرة أن يعمل الفريقان على الإعداد الأمثل لمباراة تاريخية تعكس مستوى الكرة السعودية ستكون بالتأكيد محطَّ عشاق اللعبة في الوطن العربي.